اعتداءات ومسؤوليات مضاعفة..هذا ماتواجهه الطبيبات والممرضات العراقيات خلال مواجهة كورونا

 بكر نجم الدين

نالت زينب علي الطبيبة النسائية في مستشفى الزهراء بمنطقة الحبيبية حصتها من سخط أهالي المصابين وغيرهم خلال عملها في فحص الحالات المصابة بالفيروس.

زينب في الأربعين متزوجة وأم لولدين تقول أنها بعد أخذ مسحة من أحدى المشتبه بإصابتهن بفيروس كورونا اصطدمت لدى خروجها بزوج المصابة إذ ارتسمت على جبينه تعرجات الغضب.

وتصف لمراسل ” المنصة” ما حدث” كان يلوّح بيديه مهددا و يصرخ في وجهي قائلا سأقتلكِ أنتِ والكادر الطبي.لا أحد يحجر على زوجتي! قبل أن يحول بيننا الموظفون ويتولون تهدئته، دون ان يتدخل رجال الأمن أو يتخذوا إجراءً قانونيا بحقه”.

ولم يكن التهديد الأول الذي تتلقاه زينب من قبل المراجعين والمحجورين، إضافة إلى القلق الذي يسكنها من انتقال العدوى إليها، إذ اصيبت ثلاث ممرضات بالفيروس، بينما يحاول زوجها وذويها ثنيها عن الاستمرار في الدوام خشية عليها من الاصابة.

الكوادر الطبية والصحية هم الاكثر عرضة للإصابة بالفيروس. فاتن محمد العاملة في استعلامات إحدى مستشفيات بغداد اصيبت بالفيروس ونقلت إلى مستشفى أبن زهر لتواجه (13) يوماً من المعاناة والخوف والألم، حتى شُفيت وعادت لممارسة عملها.

فاتن )49 عاما) تتحدث عن تجربتها قائلة “برغم إصابتي بالمرض وحجري وعائلتي إلا أنني لا أحصل على مخصصات الخطورة التي يحصل عليها أغلب الكوادر الطبية المتصدية لكورونا”.

وتتحدث لمراسل ” المنصة” حول ظروفها الصعبة “اتقاضى (300) دينار وأعيل زوجا معاقا وطفليّ، وهو مبلغ غير كافٍ، ولم ينته الأمر عند هذا الحد إذ تعرضت لعدة تهديدات بالقتل وإساءات لفظية من قبل ذوي المحجورين وعناصر الأحزاب عند منعهم من دخول المستشفى تطبيقاً للتعليمات الرسمية”.

ولا تتوافر احصائية رسمية عن حالات الاعتداء التي تتعرض لها الكوادر الصحية. إلا أن احصاءات فريق الصحة والبيئة التطوعي المسؤول عن مشروع “الرحمة” لحماية الكوادر الطبية عام( 2018) سجل أن ( 57) بالمائة من العاملين في المؤسسات الصحية العراقية تعرضوا لاعتداءات مختلفة ( 55 ) منهم تعرضوا لإساءات لفظية، و( 9 ) بالمائة لاعتداءات جسدية و(6) بالمائة لاعتداءات عشائرية.

نقابة الاطباء طالبت بتفعيل قانون “حماية الاطباء والمجتمع” بعد تصاعد وتيرة الاعتداءات التي طالت الكوادر الصحية بعد جائحة كورونا.

تؤكد عضو نقابة أطباء العراق د.شيماء الكمالي أنه في حالات التهديد والاعتداء على الطواقم الطبية ترفع النقابة شكوى من خلال مراكز الشرطة بناءً على طلب المعتدى عليه.

وتقول لمراسل ” المنصة ” عن جدوى ذلك ” يمكن أن ينال المعتدي جزاءه، لكن المشكلة تكمن في التدخلات والوساطات من قبل العشائر والأحزاب وأعضاء البرلمان والضغط من أجل غلق القضية”.

وتضيف “عندما تكون المعتدى عليها أنثى تغلق القضية غالباً، بسبب الخوف من تهديدات الخطف والقتل التي تتعرض لها، لذلك لم تفضل الطبيات أو الموظفات الصحيات المعتدى عليهن غلق شكواهن وإلغاءها”.

ولا يرى رئيس نقابة أطباء العراق عبد الأمير محسن حلولا تلوح الأفق ويقول لمراسل “المنصة” محددا مصدر الخلل “يلعب الجهل المجتمعي دورا كبيرا، كما أن هناك تقصيرا من قبل وزارة الصحة والجهات الأمنية والقضاء، النقابة عقدت عدة اجتماعات مع هذه الجهات لحماية الكوادر الطبية، دون الخروج بنتيجة إيجابية”.

ولا تتوقف معاناة الكوادر الطبية النسوية على مواجهة الاعتداءات المتكررة فالأمر يصل كذلك إلى مواجهة الروتين والإجراءات الوظيفية.

فطلب الإجازة الذي قدمتهُ سهى راضي الصيدلانية العاملة في مستشفى الكرخ والحامل في شهرها الرابع رفضته ادارة المؤسسة، دون الالتفات إلى انها من الفئات المعرضة للخطر، برغم تعميم وزارة الصحة باحتساب اجازة اجبارية للموظفات الحوامل،.

وتقول لمراسل ” المنصة ” عن مخاوفها ” الحامل تكون مناعتها ضعيفة وهي عرضة للإصابة بالفيروس، والأخطر عدم قدرتي على تناول الأدوية المضادة في حال إصابتي، لتأثيرها على الجنين، وهناك كثيرات من الحوامل تمت معاقبتهن لدى تغيبهن عن العمل”.

بينما تواجه الأمهات من الكوادر الطبية خيارا بين الاستمرار في الوظيفة أو رعاية الأولاد في المنزل، بعد فرض حظر التجوال وإيقاف دوام المدارس والحضانات.

تقول رشا مجيد الطبيبة في إحدى المستشفيات وهي أم لولدين الأول في المرحلة الابتدائية والآخر في الحضانة “كانت الأمور تجري بشكل جيد قبل فرض الحظر إذ أمارس وظيفتي بالمستشفى عندما يكونان في مدرستهما ونعود للبيت في وقت واحد تقريبا”

وتضيف لمراسل ” المنصة” عن معاناتها ” بعد إغلاق المدارس اضطررت لتركهم في البيت برعاية زوجي. إلا أنه عاد للعمل في وظيفته الهندسية بعد رفع حظر التجوال الجزئي، فاضطررت إلى ايداعهم في رعاية جارتنا أحياناً والغياب عن دوامي ومواجهة العقوبة في أحيان أخرى”

ويبدو أن بعض المدراء لا يكترثون بقرارات خلية الازمة بجعل الدوام (50) بالمائة، فيفرضون دواما كاملا، ويعزو البعض ذلك إلى النقص الحاد في اعداد الكوادر الصحية.

بينما اعاق قرار اغلاق الطرق الكوادر الصحية من الوصول إلى اماكن عملهم. وفي غياب عجلات نقل مخصصة للكوادر الطبية بشكلٍ عام والنسائية بشكلٍ خاص، استأجرت بعض المنتسبات باصا بقلهن من سكنهم إلى المستشفى وبالعكس.

تقول ميادة رحيم أن بعض إدارات المستشفيات لم تمنح تصاريح للسواق كي تسهل عليهم المرور بالمفارز الأمنية، وتضيف لمراسل ” المنصة” حول ذلك” اعترضت الحواجز الأمنية الباص الذي يقلنا أكثر من مرة ومنعنا من الوصول إلى اعمالنا”

وترى أن ” هذه المعوقات كانت مضاعفة في وجه الكوادر التي تسكن في محافظة وتمارس وظيفتها في محافظة أخرى، إذ جرى معاقبتهم بالغياب برغم علم الادارات بصعوبة وصولهم إلى اماكن اعمالهم”.

في حين لجأت سرور الحسيني التي تطوعت ضمن كوادر مواجهة كورونا لاستخدام دراجة هوائية بغية الانتقال من مسكنها في الجانب الأيمن من الموصل إلى المستشفى في الجانب الأيسر. و تقول لمراسل ” المنصة” عن ذلك” واجهت نظرات استغراب وانتقادات في أول الأمر لكن الأمور سارت بشكل أسهل مع تقبل الناس فكرة قيادة امرأة دراجة هوائية في ظرف طارئ”.

Exit mobile version