في العراق ..معنفات بلا مأوى يواجهن خطر التحرش والاستغلال

تحقيق /منار الزبيدي

ولم يكن أمام أمها الحائرة الخائفة على ابنتها سوى اللجوء الى أهلها طلبا للمساعدة وتم تزويج حنان برجل لم يعاملها كزوجة ولم يصبر على مرضها وقرر أن يتزوج بأخرى وطلق حنان على الرغم من بقائها في بيته، ومن هنا بدأت رحلتها الطويلة التي لم تنتهِ حتى اللحظة.

هربت من منزل زوجها ولجأت إلى إحدى منظمات حقوق الإنسان في بغداد وبقيت عندها لفترة طويلة، وظلت تسأل عن أخبار أفراد أسرتها فعلمت أنهم تركوا منزلهم بعد أن توفيت والدتها، ولم تتمكن من معرفة عنوانهم.

لم تستطع المنظمة تحمل عبء مسؤولية حنان ورعايتها مما أجبرها على الذهاب إلى البصرة لتسكن فترة من الزمن عند رجل فتح منزلا سريا لإيواء المعنفات، ثم لجأت إلى منظمة أخرى في نفس المحافظة وظلت تعيش مع أسرة مديرة المنظمة، وبعدها انتقلت إلى عدن مدن في الجنوب طلبا للحماية من المراقد الدينية وهو ما لم يحصل

تزويج قسري
ولم يكن حال فاطمة ذات الـ19 عاما أفضل من حال حنان، فقد هربت من المنزل بعد أن ذاقت مرارة العيش بسبب أخيها وزوجته اللذين كانا يعاملانها بقسوة وإذلال وحاولا تزويجها ببائع مخدرات، وهو ما رفضته.

وتقول إنها قررت الهروب من منزل أخيها لتلجأ إلى بيت صديقتها التي لم تؤوِها سوى يومين، وبعدها أخبروها بأنهم يخشون القتل ثأرا بيد عشيرتها التي تبحث عنها في كل مكان، فسلموها إلى منظمة مجتمع مدني وبقيت تتنقل من منظمة لأخرى دون جدوى لتستقر أخيرا مع مسنة مقابل رعايتها.

حنان وفاطمة نموذجان من آلاف القصص الحقيقية التي تعيشها النساء المعنفات في العراق ومعاناتهن من العنف والتحرش والاستغلال.

وبحسب إحصائيات منظمة أوان للتوعية وتنمية القدرات المأخوذة من مصادر رسمية، فإن كل امرأة واحدة من أصل خمس نساء تتعرض للعنف الجسدي على يد الزوج والأهل ووفق مستويات مختلفة من الأعمار، وبلغت نسبة النساء الحوامل منهن حوالي 14% وتزداد نسبة النساء اللواتي يعشن ظروفا أسرية قاسية تحت تسلط تعسفي من قبل الزوج لتصل نسبتهن إلى 83%، في حين تعاني 33% من النساء من العنف النفسي بمختلف أشكاله، من إهانات وتهديد وإذلال.

أسباب العنف
وترى رئيسة منظمة “أوان” فريال الكعبي أن زيادة ظاهرة تعنيف النساء تعود لأسباب اجتماعية واقتصادية مع غياب الرقابة القانونية والوعي والثقافة القانونية لدى النساء، فهناك 59% من النساء يجهلن حقوقهن، وهناك القبول بالعنف كنمط ثقافي سائد في المناطق الريفية، حيث 70% من النساء يتقبلن العنف بشكل طبيعي.

وتقول الناشطة النسوية والمتحدثة باسم منظمة حرية المرأة العراقية جنات الغزي إن منظمتها عملت منذ العام 2003 على إيواء العديد من المعنفات في دور آمنة سرية، واستقبلت المنظمة خلال الشهرين الأخيرين لعام 2018 أكثر من 52 امرأة معنفة برفقة أطفالهن.وتواجه منظمة حرية المرأة إلى جانب المنظمات المختصة العديد من التحديات، أهمها مواجهة العشائر التي تنتمي لها المعنفات وصعوبة تحصيل أوراقهن الثبوتية، فضلا عن وجود بعض القوانين التي تبرر جرائم قتل النساء غسلا للعار، بالإضافة إلى قلة الدعم.

وتؤكد مسؤولة ملف المرأة في المفوضية العليا لحقوق الإنسان فاتن الحلفي تزايد أعداد النساء المعنفات في العراق خلال الآونة الأخيرة في ظل غياب دور الإيواء الحكومية والخاصة.

وأشارت إلى أن مشروع قانون للحماية من العنف الأسري يراوح مكانه في مجلس النواب العراقي منذ سنوات عدة بسبب معارضة بعض الجهات الحزبية.

وتشدد الناشطات النسويات على ضرورة منح منظمات حقوق الإنسان المعنية بالمرأة موافقات رسمية لفتح دور إيواء للمعنفات إلى حين تشريع قانون الحماية من العنف الأسري.

م/الجزيرة

Exit mobile version