يصوّت الأزواج والأشقاء عنهن بالإنابة

المنار/عزوان حسن الجبوري

دخل أبو محمود (52 عاما) الى المركز الانتخابي في وسط مدينة تكريت مع ثلاث من النسوة اللائي يرتدين الملابس السود ويغطين وجوههن بالخمار وطلب أربع أوراق انتخابية من موظف الاقتراع الذي دخل في نقاش معه، إلا أن اصرار الرجل الخمسيني وحدة كلامه أدت الى تدخل المسؤول عن المركز والايعاز للموظف بالسماح للرجل الغاضب بالانتخاب بالإنابة عن زوجته وبناته الاثنتين وبالفعل تم له ذلك.

أبو محمود ليس هو الرجل الوحيد الذي يصوت بدلا عن زوجته او بناته فالكثير من الرجال يرفضون تصويت النساء ويحضرون الهويات التعريفية لزوجاتهم وشقيقاتهم وبناتهم ويصوتون بالإنابة عنهن لصالح المرشح الذي يختارونه.

إذ تفرض التقاليد العشائرية في محافظة صلاح الدين شمال بغداد على المرأة الخضوع لإرادة الرجل سواء كان والدها او زوجها او أخوها في اختيار المرشح المناسب في الدورات الانتخابية الثلاث الماضية ووفق رؤية الرجل الذي يصادر حقها في الاختيار او حتى في المناقشة حول القضايا السياسية.

“إن نساءنا لا تخرج وتختلط بالرجال الغرباء، هذه عاداتنا وتقاليدنا نحن ننوب عنهن” هكذا كان رد الشيخ حامد الناصر احد وجهاء مدينة تكريت الذي جلب بطاقات الهوية لـ(14) فردا من عائلته الكبيرة وطلب الاقتراع بدلا عنهم مع ان منزله لا يبعد اكثر من (400) متر عن المركز، في ظل رفض القائمين على المركز وممثلي الكيانات السياسية.

يروي محمد عطية احد ممثلي الكيانات السياسية في المركز الانتخابي لمنطقة الجزيرة (35 كلم) غرب سامراء أن المركز يضم (2600) ناخب في نهاية اليوم الانتخابي تبين ان قرابة (2000) ناخب اقترعوا وانه لم يرى أي امرأة شاركت بالتصويت حيث تم الانتخاب بالإنابة لبعد القرى وطبيعة المجتمع الذين يرفضون مشاركة النساء بالتصويت.

سرى محمود ربة بيت (28 سنة) من أهالي قضاء الدور (25 كلم شرق تكريت) تقول لـ”نقاش”: “في الانتخابات السابقة لم نكن نهتم بمن يرشح او ما هي القوائم الانتخابية او من هم الشخوص فيها حيث كان والدي يجمعنا في السيارة ويدخل معنا الى المركز الانتخابي ويصوت لمن يريد ولم تكن لنا اي مشاركة الا في البصمة الزرقاء لأصبع السبابة”.

وتتابع “يبدو ان الوضع اليوم يختلف من خلال ما يقال عن التصويت الالكتروني ومنع الانابة وان يقوم الشخص بنفسه باختيار من يريد دون تدخل من احد”.

في الانتخابات الثلاث الماضية كان دور المرأة هامشياً وشكلياً في الترشيح او الانتخاب، كانت توضع في القوائم كمكمل للكوتا النسائية المفروضة قانونا، وفي يوم الانتخاب تذهب النساء برفقة ذويها من الرجال بحجج التقاليد او التعاليم الدينية او الخشية من الاضطرابات الامنية التي ترافق الانتخابات في العادة ويفرض عليها اختيار الشخص المطلوب من قبل اهلها.

اليوم هناك فرصة جيدة للمشاركة النسائية ولتعزيز دور المرأة الريفية في الانتخابات من خلال التصويت الالكتروني الذي يشترط حضورها الى المركز الانتخابي واختيارها بنفسها عبر البصمة الالكترونية لمن ترشح من القوائم الانتخابية دون تدخل او فرض من ذويها.

توقعات مفوضية انتخابات صلاح الدين بمشاركة “كبيرة للنساء” في الانتخابات القادمة كونهن يشكلن النسبة الاكبر في المجتمع من جانب وزيادة المشاركة النسائية في الاقبال على العمل السياسي من جانب اخر كما يشير علي عيسى عمران مسؤول اعلام المفوضية لـ”نقاش”.

ويضيف “نحن على ثقة ان النظام الالكتروني المعتمد سيعدم اي محاولة لمصادرة حق اي مواطن في الانتخاب كما سيسهل عمليات العد والفرز الكترونيا”.

وجهة نظر المفوضية قد تصدق هذه المرة فتشارك النساء في صلاح الدين بنسبة كبيرة وقد يتحقق العكس وتعزف النساء عن المشاركة في التصويت نزولا عند رغبة رجال العائلة الذين سيمنعون من التصويت بدلا منهن هذه المرة.

النظرة الايجابية في تعزيز مكانة المرأة في البيئات المنغلقة او العشائرية ما تصبو اليه المرشحة الدكتورة نغم قدوري السامرائي والتي تبين لـ”نقاش” ان “ارتفاع الوعي السياسي لدى الناس والتطلع نحو مستقبل أفضل هو ما يجعلنا متفائلين في أن تكون المرأة صاحبة قرار وأداة فاعلة في مجتمعها وليس رقما هامشيا.

وتتابع ان “استخدام المفوضية للتصويت الالكتروني سوف يحد من التزوير والطرق غير الشرعية في كسب الأصوات”.

الناشط المدني حسن صالح العبيدي يبين لـ”نقاش” زاوية التغيير المتوقعة في انتخابات 2018 القادمة ويقول “اتوقع حضور فاعل للنساء في التصويت لعدة اسباب اهمها ان المجتمع ككل يريد التغيير في الوضع والشخوص والبحث عن وجوه وبرامج جديدة ولذلك ستسعى الكتل والتيارات النشطة الى مساندة مشاركة المرأة بكثافة كونها أكثر من نصف المجتمع كما ان النساء المتعلمات أصبحن اكثر عددا وتأثيرا في المجتمعات الريفية”.

 

Exit mobile version