منذ أربعين عاما، تسكن امراة وحيدة في الثمانين من عمرها خيمة صنعتها لنفسها في أرض مليئة بالنفايات، على بعد 180 كم جنوب بغداد في محافظة الديوانية في بقعة تسمى “مكب النفايات”.
رغم بصرها الضعيف الا اشنها تعمل في بيع ما تستخرجه من النفايات من علب فارغة وقطع حديد وما يصادفها من اشياء.
زهوة، ترفض مساعدة الآخرين رغم ظروفها الصعبة وتفضل العيش بكرامة في خيمتها المرقعة، حيث تفترش الأكياس البلاستيكية التي جمعتها من بقايا النفايات. وهي تصر ان لا تغادرها، سواء كان الجو باردا مثلجا او حرا قاتلا. تعيش بما تحصل عليه من مبالغ زهيدة من عملها وتطبخ لنفسها بإناء واحد تستعمله لكل شيء!
تتذكر زهوة كيف اتت الى هذا المكان واستقرت فيه: ” لم اكن استوطن هذه البقعة من خمسين عاما، فنحن بدو ترحال. تنقلت مع اسرتي لاكثر من مكان فكانت هذه الارض آخر محطات ترحالنا وبعد أن نفذ ما نملكه من جمال، قررنا البقاء والعمل في هذا البقعة التي توفر لنا لقمة العيش”.
بعد ان توفي العديد من اقربائها ولم يتبقى منهم الا القليل، لم تمد زهوة يدها لأحد ورفضت أي مساعدة تقدم لها. “لست بحاجة لمساعدة اي انسان فانا أعمل لأجمع قوت يومي ولا احتاج للمال. يكفي اني على قيد الحياة فالألف دينار التي احصل عليها من بيع العلب الفارغة التي اجمعها من نبش النفايات، تكفيني لاعيش كل اليوم وأشتري الغذاء”.
تتعامل زهوة مع رجل يشتري منها ومن غيرها ما يجدونه في الزبالة وهو يعطيهم مبلغا قليلا بالكاد يكفي لسد الرمق، لكن هذه الاخيرة راضية بطريقة عيشها.
على الخشب، تصنع زهوة طعامها وتدفئ نفسها. لم تغتسل سوى بماء المطر. ولكنها لا تشتكي ابدا، بل تواصل حياتها بكل هدوء ولا تنتظر دعم أحد، لا حكومة ولا مجتمع مدني. تعودت الحياة على هامش المجتمع، في غياب دولة تحميها وتؤمن لها ظروف العيش الكريم.