قضايا المرأة

الكوتا النسائية في العراق…خطوة نحو تمكين المرأة سياساً

دعاء عبد الامير

لقد شكلت قضية تمثيل المرأة في البرلمانات ومراكز صنع القرار في العراق جدلاً واسعاً على مدى السنوات التي تلت عام 2003. وكان من أبرز الآليات التي تم تبنيها لضمان هذا التمثيل هي نظام “الكوتا النسائية”. يهدف هذا النظام إلى تخصيص عدد محدد من المقاعد للنساء في الانتخابات، بهدف تجاوز العقبات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تحد من مشاركتهن الفاعلة في الحياة العامة.
تم إقرار الكوتا النسائية في العراق لأول مرة في انتخابات عام 2005، حيث تم تخصيص ربع مقاعد البرلمان للنساء بموجب القانون الانتخابي. وقد استمر هذا النظام في الانتخابات اللاحقة، وإن شهد بعض التعديلات الطفيفة في آليات التطبيق. جاء هذا الإجراء استجابةً للضغوط المحلية والدولية المطالبة بتمكين المرأة وتعزيز دورها في بناء العراق الجديد بعد عقود من التهميش والإقصاء، و لا شك أن نظام الكوتا النسائية قد حقق بعض النجاحات في العراق،فقد ساهمت الكوتا بشكل مباشر في رفع نسبة تمثيل المرأة في البرلمان العراقي بشكل ملحوظ مقارنة بالفترات التي سبقت تطبيقها. وقد أتاح ذلك للنساء فرصة أكبر للتعبير عن قضاياهن واحتياجاتهن داخل المؤسسة التشريعية.
كما ان وجود عدد لا بأس به من النائبات ساهم في تسليط الضوء على قضايا المرأة المختلفة، مثل العنف الأسري، وحقوق العمل، والمشاركة السياسية، والدعوة إلى سن قوانين تحمي حقوقهن وتعزز مكانتهن في المجتمع وساهمت الكوتا ايضا بظهور  العديد من النساء البارزات من خلال البرلمان وأثبتن كفاءتهن وقدرتهن على تحمل المسؤولية وصنع القرار، مما شكل نماذج إيجابية وملهمة للأجيال القادمة من النساء الامر الذي يسهم بإضفاء منظور مختلف على القضايا الوطنية، ويؤدي  إلى نقاشات أكثر شمولية وتوازناً في صنع السياسات.
ولابد ان نعرج على جملة من التحديات والانتقادات  التي وجهت الى الكوتا النسائية،على الرغم من الإيجابيات المذكورة،  فهناك من يرى  أن بعض النساء اللاتي يصلن إلى البرلمان عبر الكوتا قد يكنّ تابعات لأحزاب أو شخصيات نافذة، ولا يتمتعن بالاستقلالية الكافية في اتخاذ القرارات والتعبير عن آراءهن بحرية،ويشير بعض منتقدو الكوتا أنها قد تؤدي في بعض الأحيان إلى وصول نساء أقل كفاءة إلى البرلمان على حساب نساء أكثر جدارة ولكنهن لم يحصلن على دعم حزبي كافٍ.
فيما يعتقد عدد منهم أن الكوتا حل مؤقت، وأن الهدف الأسمى هو الوصول إلى تمثيل حقيقي للمرأة بناءً على المنافسة الحرة والكفاءة دون الحاجة إلى تخصيص مقاعد.
ولاينكر منتقدو الكوتا  مخاوفهم من أن استغلال بعض الأحزاب لنظام الكوتا من اجل تحقيق مكاسب سياسية ضيقة من خلال الدفع بنساء مواليات لها بغض النظر عن كفاءتهن أو قدرتهن على تمثيل مصالح المرأة الحقيقية مع  التركيز على الكم لا النوع.

ان صناعة التمثيل الحقيقي والمستدام للمرأة في العملية السياسية يتطلب معالجة الأسباب الجذرية التي تعيق مشاركتها السياسية، مثل الأعراف الاجتماعية والثقافية التمييزية، وضعف الدعم المؤسسي للمرأة، ومحدودية فرصها في التعليم والتدريب والقيادة ولتجاوز مرحلة الكوتا يجب بناء بيئة سياسية واجتماعية داعمة للمرأة، وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً، وتعزيز الوعي بأهمية دورها في بناء المجتمع. عندها فقط يمكن للمرأة العراقية أن تحصل على تمثيل حقيقي يعكس حجمها ودورها في المجتمع،وتبقى  الكوتا النسائية  أداة مهمة حققت بموجبه مكاسب مهمة على صعيد تمثيل المرأة السياسي ولكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات مشروعة حول فعاليتها واستدامتها وتأثيرها على جودة العملية الديمقراطية.

زر الذهاب إلى الأعلى