لم أنس ذلك اليوم الذي منعني فيه احد منتسبي وزارة الداخلية من الدخول إلى مبنى قيادة شرطة الديوانية لتغطية مؤتمر أمني.
في ذلك اليوم ذهبت إلى المؤتمر برفقة عدد من الزملاء والزميلات، إذ سمح للجميع بالدخول دون ان يوقفهم إلا أنا، فتح معي تحقيق وطلب تسليم الموبايل رغم إبراز هوية الصحفية وبعد تأخير دام أكثر من نصف ساعة اقتنع الشرطي بأوراقي الرسمية باني صحفية.
لم يكن ذلك الموقف الأول من نوعه، فقد تعرضت في وقت سابق إلى مواقف مزعجة ومحرجة ومزاجية أيضاً حتى من بعض الزملاء الذين لا يعرفوني مسبقا، كما خسرت الكثير من فرص العمل لنفس السبب وهو انني ارتدي العباءة.
يعتقد أولئك الناس أن المرأة التي ترتدي العباءة لا يمكن أن تكون صحفية أو من الوسط المثقف، فقيمة الإنسان بالنسبة لهم تتلخص بمقياس مغلوط وسطحي جداً وهو المظهر، دون أن يكون في حسبانهم قيمته المقابل وقدراته وإبداعاته وغيرها من المعايير.
لا اعرف متى يمكن أن يسود الوعي لدى الآخرين ويتعلموا المقاييس الحقيقية في تقييم الآخرين، وان ثقافة الإنسان وأهميته في الحياة تتعلق بما يحمله من فكر وتحضر وكياسة وإنتاج ايجابي و مؤثر في دائرة المجتمع.
أن البعض من الناس يتفنن بإطلاق الأحكام الجزافية الاستباقية لمجرد أن المقابل يجسد في مظهره قناعاته وعاداته وتقاليده وخاصة عندما تكون المرأة محجبة أو ترتدي العباءة، وحتى الرجل البسيط في مظهره لا يحظى بذات التقدير الذي يقدم إلى غيره من أصحاب المظهر الفخم حتى لو كان مظهرا خادعاً، وكذلك الحال مع الشباب فغالبا ما يواجهون بالاستهزاء والسخرية فقط لان مظهرهم لا يعجب المقابل الذي لا يكتفي بنظراته الدونية و إنما يقرنها بكلمات بذيئة تحمل في طياتها الانتقاص من الشخص المقابل رجلاً كان أو أنثى.
ففي معظم الأوقات يكون الانطباع الأول وفقاً للمظهر الخارجي سبباً في سوء معاملة الآخرين دون احترام لمشاعرهم أو مكانتهم الاجتماعية أو مستواهم العلمي أو على الأقل قيمتهم الإنسانية.
ورغم ذلك لم تثنى عزيمتي يوماً بل زادت ثقتي بنفسي، وكنت أٌصر على أن أقدم الأفضل لنفسي أولا ولأثبت للجميع سوء ظنهم وسطحية تفكيرهم ثانياً، وقد نجحت في تغيير قناعات الكثير من الناس واغلبهم أصبحوا أصدقائي ويتحدثون عني بفخر واعتزاز أمام الآخرين.
ختاماً أقول لكل إنسان يتخذ من المظهر الخارجي مقياساً لتقييم الآخرين كن عادلاً في تعاملك مع الآخرين على أساس المبدأ الإنساني المشترك واحترم خصوصياتهم في مظهرهم وظروفهم، وكما يقول المثل “ليس كل ما يلمع ذهباً” وأزيد على ذلك بكلام ابن رشد “اللحية لا تص