تعتبر المشاركة السياسية للمرأة في العراق ركيزة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة ومع ذلك، تواجه النساء تحديات كبيرة تعيق ممارسة دورهن السياسي والوصول الى مراكز صنع القرار، و يعد انتشار المعلومات المضللة واستهداف النساء القياديات او الناشطات في العمل السياسي من أبرز التحديات التي تواجههن كونه يقوض ثقة المجتمع بقدراتهن القيادية، ويكرس خطاب الكراهية والدونية تجاه النساء البارزات، وتتفاقم صناعة المعلومات المضللة في العراق وتنتشر في اوقات معينة مثل الاحتجاجات الشعبية والانتخابات وغيرها من المناسبات المهمة التي تبرز فيها الادوار القيادية للمراة في العراق وتهدف حملات التضليل خاصة في موسم الانتخابات الى اقصاء المرشحات القياديات وخاصة المستقلات عن المشهد السياسي من خلال التأثير على قرارات الجمهور الناخب واحيانا يكون الدافع غير شريف من قبل بعض الخصوم المدعومين من جهات معروفة.
ان صناعة المعلومات المضللة تتم وفق تخطيط عمدي باستخدام ادوات مدفوعة الثمن وجيوش مهمتها الترويج واستغلال الافراد لتسويق تلك الصناعة “القذرة” التي تستغل جهل بعض المستخدمين الذين يتداولون الاخبار والمعلومات المضللة وهذا ما يسمى ب “العقل الجمعي” الذي يخدم يقدم خدمة مجانية لافراد او جهات يضمرون العدائية المفرطة تجاه القياديات وخاصة الناشطات في المجال السياسي، ويقومون بكل فعل ضار لعرقلة وصول النساء الى مناصب صنع القرار كما يؤدي التضليل الاعلامي الى خلق بيئة معادية وجمهور قلق متردد تجاه وجود المراة في العملية السياسية، ولا يمكن ان ننكر الاثر السلبي الناتج من التعرض المستمر لحملات التضليل حيث افرغ الساحة من بعض القيادات النسوية المؤثرة خوفًا من التشهير وحملات التسقيط و ما سببته من تهديدات ومخاطر عدة، تبنتها جهات معروفة بهدف إضعاف الحراك النسوي الذي مازال يسعى لتعزيز حقوق المرأة وتمكينها في مختلف الميادين وخاصة ميدان العملية السياسية.
و في خضم معركة الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، اصبح تدقيق المعلومات أداة حيوية للدفاع عن حقوق المرأة وحمايتها من التضليل ضرورة ملحة تعزز المشاركة الفاعلة للمرأة في جميع جوانب الحياة كما انه يقوي الثقة في القيادات النسوية ويدعم وصولهن الى مراكز صنع القرار ،ولهذا يوصف تدقيق المعلومات بانه “الحصن المتين” لردع الاتهامات والاشاعات، وكلما زادت مشاريع تدقيق المعلومات وتعددت المؤسسات المختصة والخبراء/ات وتضاعفت الجهود فان مستوى تمكين المرأة ومشاركتها سيرتفع و يزداد طردياً ويُحسن بشكل كبير ثقافة التحقق والتأكد لدى الافراد والمؤسسات قبل تداول الأخبار والمعلومات، مما يحدّ من تأثير حملات التضليل ويجعل الافراد أكثر وعيًا بمخاطر التضليل الإعلامي وتداول المعلومات من مصادر مجهولة قبل التأكد من صحتها،ويسهم تدقيق المعلومات في تعزيز الوعي بالحقوق ومكافحة التمييز والعنف وخطاب الكراهية، ولهذا فقد اصبح التصدي لتضليل المعلومات وتعزيز ثقافة تدقيق الأخبار عبر جميع المواقع الالكترونية هو مسؤولية اخلاقية و وطنية من شأنها تعزيز مبادئ العدالة و حقوق الانسان ودعم وجود النساء في العملية السياسية وتشجعها على التقدم والوصول الى مراكز عُليا،وهنا استذكر حملة “الناشطات لسنَّ هدف” التي اطلقتها مع زميلاتي للدفاع عن الناشطات في مظاهرات تشرين 2019 بعد حملة الاستهداف البشعة التي حاولت النيل منهن وعزلهن عن ساحة الاحتجات الشعبية باستخدام معلومات مضللة وفبركة الاف الصور والفيديوهات ولهذا اصريت على ان تكون جهود الدعم النسوي موازية لهجمة التضليل التي تعرضنَّ لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي سببت لعدد كبير منهنَّ تهديدات ومخاطر لا تعد ولا تحصى .
ومن باب الانصاف لابد ان اشير الى اهمية الجهود الكبيرة التي بذلت من قبل الافراد و مؤسسات المجتمع المدني في سبيل نشر ثقافة التحقق من المعلومات وتفنيد الكثير من الاخبار والمعلومات الزائفة و المضللة التي استهدفت المرأة بشكل مباشر، فتحية لكل مدققي المعلومات في العراق والعالم ومن بينها منصات عدة،نذكر منها على سبيل المثال :مسبار وتيقن وأكيد و صحح ومشروع صح من اريج وعلى المستوى الوطني اخص بالذكر جهود منظمة التقنية من أجل السلام ،و مركز أسبر لمدققي المعلومات التابع للمرصد العراقي لحقوق الانسان و منصات اخرى مثل الفاحص وتاكد وتحقق وغيرها ، ومن هنا اؤكد على ضرورة توعية المرأة بأهمية تدقيق المعلومات وادعو الى توفير الدعم للمؤسسات والأفراد العاملين في مجال تدقيق المعلومات .
#اليومالعالميلتدقيق_المعلومات
#دقق_بالعربي
#AFCN
#FactsMatter