نور فوزي احمد
مصطفى مهند دلي
نور خلف محمد 14 عام تسكن منطقة الزاب قضاء حويجة في محافظة كركوك تعرضت الى الكثير من المضايقات والتنمر هي وطفلتها بعد ان اجبرها والدها على الزواج باحد عناصر داعش بالاكراه “لا املك اي هوية قانونية تثبت زواجي وعندما رزقت بطفلة صار مصيرها ذات مصيري” وتكمل: انا وطفلتي تعرضنا الى الكثير من المواقف البشعة بلا ذنب، في كل مرة التزم الصمت وانكسر ،لا اعرف ماذا اقول او افعل.
“اطفال بلا ذنب ” ولدوا في ظروف خارجة عن سيطرة القانون في مناطق كانت تسيطر عليها المجاميع الارهابية وبعد تحرير هذه المناطق ونقلهم الى المخيمات اصبحوا مجهولي الهوية فلا توجد أي وثائق رسمية تثبت نسبهم، هؤلاء ضحية عوائلهم المنتمية للعصابات الارهابية, مازالوا يدفعون ثمن جرائم لم يرتكبونها, فهم يعانون من العزلة و الاضطهاد المجتمعي كما تخلت عنهم الحكومة التي لم تتخذ اجراءات لتنظيم وضعهم القانوني.
و قامت السلطات العراقية بالتنسيق مع السفارة الروسية لدى بغداد بترحيل( 33) طفلاً من أطفال المتهمات الروسيات إلى روسيا في العاشر من شهر تموز 2019، إذ جرت هذه العمليّة بعد اتخاذ الإجراءات القانونيّة اللازمة فيما يخصُّ التأكُّد من رعويتهم، وتوفير الضمانات القانونيّة لحماية حُقوقهم.
في السابع والعشرون من شهر تشرين الاول عام 2021 اعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية احمد الصحاف في بيان له ان الوزارة وبالتنسيق مع وزارة العدل العراقيَّة وسفارة جمهوريَّة أذربيجان في بغداد، سلمت (38) من أطفال تنظيم داعش الإرهابيّ لإرجاعهم إلى وطنهم كانوا مُودَعين مع أمهاتهم المحكومات بالسجن من قبل المحاكم العراقيَّة المُختصة لانتمائهنّ إلى التنظيم .
وكانت وزارة الخارجيّة العراقية قد دعت جميع الدول إلى تكثيف الجُهُود لاستلام رعاياها المنخرطين ضمن صفوف تنظيم داعش الإرهابيّ من الأطفال المُودَعين مع أمهاتهم المحكومات لدى دوائر الإصلاح العراقية، إضافة إلى الأحداث الذين انتهت مدة محكوميتهم.
كما شاركت الخارجيّة العراقية في عدد من عمليّات ترحيل الأطفال من مختلف الجنسيات الذين بلغ عددهم (473) ومن بين تلك الجنسيات (الروسية، والطاجيكية، والأذرية، والألمانية، والفرنسية، والجورجية، والبيلاروسية، والفنلندية، والأوكرانية، والتركية).
حق دستوري
يمنح الدستور العراقي للعام 2005 النافذ في المادة( ١٨) حق الجنسية العراقية لكل من ولد لاب او ام عراقية بغض النظر عن الظروف المرافقة لذا فإن حق الحصول على الجنسية مكفول دستوريا لكل الأطفال الذين ولدوا لام او اب عراقي بالجنسية وبالتالي حرمان هؤلاء الأطفال من هذا سيجعل مصيرهم مجهول, وفقا لمدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة الانبار الحقوقي محمد قاسم الذي يعتقد ان .
حرمان هؤلاء الأطفال من حق الحصول على الجنسية سيؤدي إلى حرمانهم من حقوقهم الاخرى المكفولة دستوريا, واشار قاسم الى ان مديرية الجنسية والأحوال المدنية في الأنبار في قد اتخذت اجراءات في سبيل إصدار الجنسية للعديد من أطفال المخيمات
انقسام مجتمعي
الباحثة الاجتماعية فرح عدي الحديثي ترى ان البيئة الاجتماعية العراقية في تلك المناطق انقسمت الى قسمين ،اما القسم الاول منها فهو متعاطف مع الاطفال ويرى بانهم ضحايا لا ذنب لهم في افعال ابائهم, ويذهبون مع المعالجات التي تضمن حقوق الاطفال، فيما يطالب القسم الثاني منهم بطرد الاطفال واقصائهم، علما ان اغلب هؤلاء قد تضرروا بشكل مباشر من قبل المجاميع الارهابية لذلك هم يحملون اسرهم جزء من المسؤولية وينبذونهم بل ويطالبون بمعاقبتهم .
اثار نفسية واجتماعية
يقول الباحث والمعالج النفسي طلحه محمد حمد ان الرفض الاجتماعي لهؤلاء الاطفال له اثار سلبية وخيمة من الناحية النفسية وهي تؤثر بشكل مباشر في البناء الفكري لوعي الطفل مما يترتب عليه زيادة الحقد والعدوانية تجاه الاخرين كما يضاعف حدة الكذب لدى الطفل في محاولة لتجنب العزلة الاجتماعية او المخاطر المترتبة التي تسبب ايذاء الطفل , ويكون البناء الفكري للطفل مترتب على افكار ذويه دون تغيير لانه يشعر بالأمان مع ذويه بعكس شعوره بالخوف مع المجتمع الذي يرفض احتضانه وتغيير فكره وإدراكه للحياة المستقبلية،لذلك يشعر الطفل ان والده هو مصدر الامان الوحيد وان غيره يشكل خطر على حياته فيجبر نفسه لا اراديا على الالتزام بأفكار ابيه .
وحول الوضع النفسي والاجتماعي لامهات الاطفال تقول الناشطة النسوية عفاف الراوي ان الام عندما ترى طفلها مهمش ومنبوذ دون حقوق ليس كبقية الاطفال فان وضعها النفسي سيتاثر بشكل سلبي خاصتا عندما تكون هي المعيل الأول لاطفالها في هذه الحياة.
احصائيات
اشارت صحيفة العالم الى ان نحو (الف) طفل ينتمي ابائهم الى داعش او على صلة به محتجزون في العراق ،فيما نشرت ضمن تحقيق لها صحيفة العالم الجديد الى ان نحو(16) الف طفل لعناصر داعش ولدوا داخل العراق بعد حزيران 2014 اغلبهم من اباء وامهات غير عراقيين.
اما عضو مفوضية حقوق الانسان علي البياتي فقد اكد ان عدد الاطفال الذين تم القاء القبض عليهم داخل العراق منذ اطلاق عمليات التحرير في 2016 بلغ( 1127) بين ذكر وانثى من جنسيات مختلفة .
لكن بعض المعنين في هذا الشأن يعتقدون بعدم وجود احصائية دقيقة توضح العدد الفعلي والحقيقي للأطفال “هناك فارق كبير بين الارقام المعلنة من قبل الحكومة ومنظمات المجتمع المدني”.
تحديات وصعوبات
مدير مشروع برنامج حماية الطفل في منظمة سبع السنابل للإغاثة والتنمية حيدر شاكر يروي لنا جانب من معاناة الاطفال يقول: تختلف المشاكل والتحديات التي تواجهها اسر الدواعش بحسب المحافظات وتكمن المشكلة بانتماءات اسرهم ووجود مؤشرات امنية واضحة, وهذا يعتبر من اكبر واصعب التحديات التي تعرقل حصولهم على البطاقة الوطنية او أي هوية , كما يشكل صعوبة حضور الاب الى المحكمة لإكمال الاجراءات القانونية تحدي اخر، يضاف اليه عدم وجود قانون خاص ينظم اوضاع هؤلاء الاطفال و يضمن حقوقهم.
اجراءات بطيئة
يؤكد رئيس لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب العراقي ارشد الصالحي بان لجنة حقوق الانسان النيابية تسعى الى ايجاد حلول واقعية ومطبقة وتلتزم بمبادئ حقوق الاطفال وضمان حقهم باعتبارهم ضحية للمتغيرات التي حدثت ولكن للأسف بعض الجهات الحكومية لا تهتم بهذه القضية و تلقي السبب الاكبر على مجلس القضاء الاعلى فيما يخص المستمسكات الرسمية و الاوراق القانونية لهؤلاء الأطفال .
مخاطر امنية
يشير الخبير الامني عمر العبيدي الى ان عدم احتضان هؤلاء اطفال من قبل جهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بحماية الطفل يجعل منهم عرضة للخطر والاستغلال من قبل اي جهة مساحة متطرفة باعتبارهم اطفال يمكن تغيير افكارهم بسهولة وتحويلهم الى مقاتلين اشرار .
معالجات وتوصيات
يوصي الخبير الامني بضرورة التعاون المشترك بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية لاعداد وتصميم وتنفيذ برامج تركز على الاطفال لحمايتهم وحماية المجتمع لسد الطريق على الجهات المتطرفة التي تسعى دائما للوصول الى هؤلاء الاطفال واستغلالهم في تنفيذ اعمال ارهابية،فيما طالب مدير مكتب مفوضية حقوق الانسان في الانبار بموقف جدي من قبل الحكومة العراقية لإنقاذ الاطفال من مصيرهم المجهول من خلال إصدار تعليمات او آليات عمل تنفيذية تسهيل الإجراءات الخاصة بمنح الجنسية او توجيه محاكم الأحوال الشخصية بتسجيل شهادات ولادة للأطفال خاصة للذين لديهم اباء على قيد الحياة, و الامر ينطبق ذاته على عقود الزواج،اما رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية فهو يرى ان تشريع قانون يصاغ بطريقة مناسبة يعتبر الحل الاكثر اهمية لهذه المشكلة.