تتجه الأنظار نحو ظاهرة مقلقة تتزايد وتيرتها مع كل حملة انتخابية وهي استغلال الأطفال في الدعاية السياسية ما نشاهده اليوم على منصات التواصل الاجتماعي من فيديوهات وصور لأطفال يشاركون عن غير وعي أو إدراك في حملات انتخابية هو أمر يثير القلق ويستدعي وقفة جادة هذه الظاهرة لا تمس فقط براءة الطفولة بل تتجاوز ذلك لتترك آثاراً نفسية واجتماعية عميقة قد تستمر معهم لسنوات.
رأيت بعيني كيف يتحول الأطفال إلى مجرد أدوات في أيدي المرشحين ففي إحدى القرى النائية شاهدت مقطع فيديو يصور أطفالاً صغاراً يتقاطرون على مكتب أحد النواب يشربون منه الماء بينما يقوم بعض الإعلاميين التابعين له بالتقاط الصور والفيديوهات وكأنهم يوثقون عملًا إنسانياً نبيلاً. الحقيقة المرة هي أن هؤلاء الأطفال يتم استغلالهم لتقديم صورة زائفة عن عطاء المرشح بينما هم في أمس الحاجة إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة هذا المشهد يتكرر بشكل مأساوي في المدن أيضاً فكم من طفل رأيناه يرتدي قبعة تحمل شعار مرشح أو يرفع لافتة في تجمعات انتخابية ربما مقابل بضع نقود أو وجبة طعام بسيطة هذه الأفعال لا تختلف كثيراً عن استغلال الأطفال في الأعمال الشاقة فهم هنا يتعرضون لاستغلال من نوع آخر أخلاقي ونفسي.
الأمر لا يتوقف عند أطفال القرى والمدن ذوي الظروف الاقتصادية الصعبة بل يمتد ليشمل فئات أكثر ضعفاً لقد لاحظت بنفسي استغلال أطفال متلازمة داون حيث يتم أخذ صور وفيديوهات معهم بشكل مكثف لغايات دعائية وكأن براءتهم وحاجتهم للرعاية تتحول إلى مادة انتخابية رخيصة هذه الممارسات تشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الطفل وتخلف تداعيات سلبية خطيرة فتعرض الأطفال للمواقف السياسية قد يعرضهم لخطر الاستغلال والانتهاك كما أنه يغرس في نفوسهم مفاهيم خاطئة عن العمل السياسي والمواطنة.
تتطلب هذه الظاهرة تدخلاً فورياً وحازماً ويجب أن تكون هناك قوانين صارمة تجرم استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية مع فرض عقوبات رادعة على المخالفين كما ويتوجب على الكتل السياسية والأحزاب والمرشحين تحمل مسؤوليتهم الأخلاقية والابتعاد عن هذه الممارسات المشينة
وأن يكون للمؤسسات التعليمية والمنظمات المدنية دورًا حيويًا في توعية الأسر والمجتمع بمخاطر هذه الظاهرة وحقوق الأطفال وعلينا نحن كمستخدمين لوسائل التواصل الاجتماعي أن نكون أكثر وعياً ونرفض مشاركة أو ترويج مثل هذه المحتويات ونبلغ عنها. حماية براءة الطفولة ليست خياراً إنها واجب أخلاقي وقانوني يقع على عاتق الجميع.