جاء تأسيس مدونة “العراقية هنا” لعدم وجود قاعدة بيانات لمعرفة أعداد النساء المبدعات في مجال عملهن وأنشطتهن في مجتمعاتهن المحلية، وذلك لتجاهل جهات مختلفة هذا النجاح نظرا للطبيعة الذكورية للمجتمع، وعندما نطالب بحقوقنا يُقال لنا: أين النساء الناجحات؟ حسب المهندسة شيماء بهزاد.
وتقول بهزاد (39عامًا) “أسستُ المدونة عام 2016 لنشر سير حياة المبدعات العراقيات، وبعدها شكلت فريق “العراقية هنا” مع مجموعة من النساء والرجال لتنظيم الحملات المجتمعية التي تشارك فيها نساء العراق المبدعات، وقدمنا فرصا للمرأة المبدعة لربطها بالمجتمع عن طريق حملات ذات طابع إنساني وثقافي بين فئات المجتمع المختلفة، أما المرأة البسيطة فيتم دعمها ماديًّا ومعنويًّا، وحسب حاجتها من أجل النهوض بواقعها”.
الفريق أخذ على عاتقه إبراز دور المبدعة العراقية، والقيام بأنشطة لدعم النساء المبدعات من الأرامل والأيتام والفئات المهمشة، ليعطي مؤشرًا على أهمية دعم المبدعات في المجتمع بأبهى صورة.
أنشطة مثمرة
تشير بهزاد إلى أن “أنشطة الفريق تخدم المجتمع، ومنذ سنوات يعمل على ذلك، ويجد كل العون والتسهيلات في الحملات الميدانية، ورغم الأزمات فإنه لم يتوقف؛ فأطلقنا حملات مساعدات وإغاثة وأنشطة مختلفة، بمشاركة 90 سيدة مبدعة من 18 محافظة عراقية، وكذلك نظمنا حملات إنسانية لفتح أبواب رزق للعائلات المتعففة أثناء تفشي فيروس كورونا، وأنشطتنا مستمرة. ونواجه أحيانًا معوقات عند قيامنا ببعض الندوات أو الورش؛ حيث نصطدم بمن لا يتقبل فكرة أن المرأة قادرة على الإبداع والمشاركة في الارتقاء بالمجتمع”.
وتقول مديرة مركز “الجنائن الثقافي” ورود ناجي العارضي (38 عاما) -وهي من المبدعات اللائي عُرضت سيرتهن في “العراقية هنا”- إن تقديم الدعم للمرأة العراقية يتم عن طريق تعريف المجتمع بالمبدعات إلكترونيًّا لتتشجع المرأة وتجدد ثقتها في نفسها، فمهما كانت ناجحة فلا بد من تقديمها للمجتمع، وألا يقتصر الأمر على الإعلاميات فقط، بل هناك الشاعرة والطبيبة، وفي مجالات أخرى لأنهن نواة أساسية في المجتمع”.
وتبين العارضي أن “الدعم الميداني للنساء محدود من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، مع عدم وجود دعم حكومي للمرأة، فضلاً عن عدم وجود قاعدة بيانات تابعة لوزارتي الثقافة والعمل والشؤون الاجتماعية والمنظمات المعنية بشؤون المرأة، والتي يقع على عاتقهما مسؤولية ذلك”.
الإعلام ودعم المرأة
من جهتها، تؤكد الناشطة في المدونة علا أحمد علي (34 عاما) أن “الإعلام يعد العامل الأساسي في إبراز قدرات النساء المبدعات ودورهن في المجتمع، والهدف من دعم النساء أنهن يمثلن نصف المجتمع، ولهن إنجازات في عدة مجالات.
أما شيماء بهزاد فترى أن “الإعلام مهم للمرأة، وهو من الأسباب الرئيسية التي قادتني لتأسيس مدونة “العراقية هنا” للتعريف بنساء العراق المبدعات، وتدوين أسماء النساء البارزات في مجالات مختلفة، وبدونه قد يبتعدن عن الأعمال الإبداعية أو نخسرهن، وربما يهاجرن إلى بلدان أخرى تحتضن إنجازاتهن وتقدم الاهتمام لهن. وأثناء عملنا صادفتني العديد من الحالات لنساء مبدعات يملكن طاقات مهمة، إلا أنها مكبوتة بسبب وجودها في عائلة ذات مستوى مادي بسيط أو في عائلة مغلقة اجتماعيا، وحاولنا الوصول لمثل هذه الحالات ودعمها في بداية طريقها، لكن إمكانات الفريق بسيطة”.
وتشير العارضي إلى أن “الإنسان الناجح يستحق التشجيع، ودعم النساء بعضهن بعضا يُعد أجمل صورة في تنمية المجتمع، لكن ليست كل النساء على درجة من الوعي والثقافة؛ فهناك نساء مثقفات نرجسيات لا يدعمن الأخريات، والفريق أسهم في خلق الوعي لدى نساء المجتمع عن أهمية ذلك”.
قيادة نسوية
وتقول الناشطة المدنية ميساء نجم (38 عاما) “لا فرق بين فريق تقوده امرأة وفريق يقوده رجل إذا كانت الأعمال ناجحة، وقد شاع في الفترة الأخيرة ظهور نماذج نسائية تعمل ميدانيا وإلكترونيا، ولهن عدد ليس قليلا من المتابعين والمشيدين بتجربتهن”.
وترى ميساء نجم عدم وجود أي ضرورة لعزل النساء وعرض تجاربهن بمعزل عن تجارب الرجل، فطالما قلنا إن نجاح أي عمل أو دعم للمرأة يجب أن يكون الرجل شريكا أساسيا وداعما فيه، مشيرة إلى أن أنشطة مدونة “العراقية هنا” اقتصرت على لقاءات نسائية بحتة وعرض تجارب شخصية فردية أو زيارة جماعية لدار أيتام أو مسنين، وهي أنشطة لم أجد ضرورة لحصرها على النساء فقط، فالعطاء لا ينحصر على النساء”.
أما علا أحمد علي فترى أن “العمل مع فريق تقوده امرأة ممتع، لأن المرأة رمز للعطاء، وتكون خير قائد لفريقها الذي نشأ على فعل الخير والعمل التطوعي لمجتمعنا بلا مقابل، وأجد النظرة الذكورية المستبدة تغيرت وبدأت تتلاشى وانحصرت على فئات معينة بسبب الثقافة والتطور التكنولوجي والوعي بمدى أهمية المرأة ودورها الريادي في المجتمع”.