وتضيف لـ”ارفع صوتك”: “نظرت حذام إليّ باكية، وطلبت مني السكوت، خشية أن يتركها الجميع ويتخلوا عنها إذا ما تم تأكيد إصابتها”.
“أخبرتها أننا معها، وإنها حالة طارئة، ثم ستعود صحتها مثلما كانت وأحسن”، تقول الخالة.
وكانت حذام خلف (47 عاماً) تعيش مع زوجها وأطفالهما الثلاثة في أبو غريبغ، غرب العاصمة بغداد.
ولأنها انتقلت منذ طفولتها للسكن في منزل خالتها ابتسام ببغداد بعد انفصال أمها عن أبيها، توطدت علاقتها بخالتها أكثر بعد وفاة أمها نتيجة إصابتها بالسرطان، وظلت تزورها بعد زواجها والمكوث معها بضعة أيام.
“أسوأ ما عشته”
عند مغادرة المستوصف، لم تجرؤ ابتسام على إخبار أحد غير ابنها الذي هاتفته وطلبت منه أخذ الاحتياطات الوقائية كاملة، تقول “كنت أعلم أن حذام لن تتمكن من فعل شيء دوني، لذا بقيت معها رغم خطورة الموقف، ثم اتفقنا على مراجعة المستشفى لإجراء الفحوصات والاختبارات اللازمة”.
بعد أيام من معاينتها وإجراء الفحوصات المخبرية في المستشفى تم تأكيد إصابة حذام بكوفيد-19، تقول خالتها “أخبرونا أنها ليست بحاجة للحجر في المستشفى، وطلبوا منها البقاء بالمنزل والاتصال هاتفيا إذا ما ساءت حالتها الصحية”.
تضيف “كان شكل المستشفى مرعباً ومزدحماً بالمراجعين، كما خلا تقريبا من أي متسّع لمرضى جدد، لذا كان يفضل العزل بالمنزل”.
طلب الطبيب من ابتسام أن تدخل الحجر هي أيضاً بسبب القرب من حذام، على الرغم من أن نتائج فحصها كانت سلبية.
وحاولت ابتسام جاهدة كتمان إصابة حذام، لكن إصرار زوجها على عودتها لمنزلها في أبو غريب دفعها لإخباره بذلك، “وهنا كانت المصيبة” على حد تعبير ابتسام.
تقول لـ”ارفع صوتك: “ربّما كان إخباري له بحقيقة أصابتها أسوأ ما عشته في حياتي. لم يهتم لأمرها، فقط طلب مني إبلاغها بأنها لم تعد زوجته وأنه لا يريدها وأغلق هاتفه”.
أخفقت ابتسام في محاولة الاتصال بزوج حذام أو بأحد أفراد عائلته بسبب حظر التجوّل وكذلك لإغلاق هواتفهم النقالة، كما حاولت قدر المستطاع أن تثير الشكوك حول الإصابة بالوباء من الجيران والأقارب كي لا يؤثر الأمر على علاقتها بهم، حسب قولها.
مرت الأيام، وشعرت حذام بالتعب وساءت صحتها كثيراً، كانت تبكي طيلة الوقت على أمها وأطفالها وتردد “الجميع تركني وسأموت وحيدة”، تقول ابتسام.
وعندما سارعت ابتسام في الاتصال بطوارئ المستشفى جاؤوا ونقلوها بسيارة إسعاف من المنزل، بعدما كرروا توصياتهم لابتسام في أن تلتزم العزل المنزلي.
تتابع ابتسام حديثها “كانت تلك المرّة الأخيرة التي رأيت فيها حذام، لأنها بعد ساعات ماتت ولم يسمح لي بزيارتها أو حتى الوصول للمستشفى بل أخذ بعض المتطوعين جثتها، كما أخبروني، من المستشفى إلى مقبرة خاصة في مدينة كربلاء ليتم دفنها فيها”.
تقول ابتسام “بسبب فيروس كورونا تركها الجميع وحيدة تموت وتدفن من دون جنازة حتّى”