المنار/ حسين الفنهراوي
ما أن يترك الحديث لرجل لإبداء رأيه في حقوق المرأة أو مايخصها حتى تنساب من بين شفتيه ولسانه الكلمات الجميلة الرومانسية والدفاع المستميت عن حقوقها ويضع هذه الكلمات التي أتخمت آذاننا ولم نعد نطيقها وهي (المرأة هي الأم والزوجة والأبنة والحبيبة والصديقة والزميلة فهي لم تعد نصف المجتمع أنا برأيي هي كل المجتمع لأن الرسول الأعظم (ص) قال الجنة تحت أقدام الأمهات ورفقا بالقوارير) ويضيف الكثير من الكلمات التي تجعلك تحسد هذا الكائن الذي أشبهه بعنتر العبسي أيام شبابه فحينما يشتد القتال وتهجم الأعداء على عشيرته وتكون العشيرة بحاجة اليه كمقاتل بطل يدعونه بالبطل المغوار وفارس الفرسان والكثير من الألقاب الرائعة وحينما ينتهي القتال ويعود الهدوء والسلم يلقبونه بإبن زبيبة والعبد الأسوء وساقي الحيوانات وألقاب تقلل من قيمته.. هذا حال المرأة التي أمرنا الله أن نكرمها ونعاملها بأغلب الحقوق حالها حال الرجل ولكن الرجال يغفلون تلك الحقوق بحجج واهية مفسرين الدين على أهوائهم ويعتبرونها عورة ويصنفونها بالبشر من الدرجة الثانية فالبعض حتى أنه يخجل من مرافقتها الى السوق مثلا والكثير يخجل أن يذكر إسمها بحجة الأعراف والتقاليد ولكن حينما تسأل أحدهم عن حقوق المرأة يقوم فيتفلسف بالكلمات الرنانة ويقول ان الله جعل المرأة نصف المجتمع والجنة تحت أقدامها وكل الأديان السماوية كرمت المرأة وأعطتها حقوقها وعلينا أن نفعل كذا وكذا وكذا فتطمئن لوضع المرأة في العراق ولكن كله تنظير وكلام معسول دون تطبيق بحجة الدين والأعراف والتقاليد.
وفي عام 2000 وافق العراق وهو الوحيد من دول المنطقة على القرار 1325 الصادر من مجلس الأمن في جلسته 4213 التي عقدت في 31 تشرين أول 2000 الا أنه لم يفعل ولم يطبق في العراق الى الآن وفي عام 2014 ألزمت الأمم المتحدة ومجلس الأمن العراق على تطبيق هذا القرار وفقا لما أبداه من موافقة وهو يركز على حماية المرأة والطفل أثناء الصراعات المسلحة وكذلك توفير ترتيبات مؤسسية فعالة لضمان حمايتها ومشاركتهما الكاملة في عملية إحلال السلام والى الأسهام بدرجة كبيرة في حفظ السلام والأمن الدوليين وتعزيزهما كما يشير الى حث الدول الأعضاء الى ضمان زيادة تمثيل المرأة على جميع مستويات صنع القرار في المؤسسات والاليات الوطنية والأقليمية والدولية لمنع الصراعات وإدارتها وحلها حيث تضمن 18 فقرة أخرى بخصوص المرأة ودورها ومهامها وخصوصيتها فأعد مجلس الوزراء الخطة الوطنية لتفعيل قرار مجلس الأمن 1325 ولكن مازال القرار في إدراج جميع الدوائر والمؤسسات العراقية ولم ينفذ منه قيد أنملة.
ولكن لنتسائل لماذا لم يهتم الجميع بهذا القرار ولم يعرف أسمه ورقمه وشكله وفقراته رغم مرور أكثر من 17 عام على صدوره وموافقة العراق على بنوده وتأكيد الأمم المتحدة على تطبيقه في عام 2014 والحال مازال عليه وأنا على يقين وأجزم إن السبب الوحيد لذلك هو لأنه صادر من أجل حقوق المرأة ولو جاء لغير ذلك كان الإهتمام به أكثر فبالتأكيد حينما وصل هذا القرار الى الوزير ولأنه رجل قرأ الفقرة الأولى وقال مع نفسه (والله بطرانه الدوله وينه ووين حقوق المرأة ) وكتب يعمم فيعمم على الدوائر التابعة للوزارة فتصل الى مدير الدائرة فيقرأ الفقرة الأولى فيتحدث مع نفسه (هاي شنو شلون داتفكر هاي الحكومة عايفه داعش والحرب ومحتارة بالمرأة وحقوقهه يله خل نكتب يعمم الى الشعب والأقسام) ويصل الى رئيس القسم فيقرأ أول فقرة فيقول الكلام الذي كثيرا ماسمعناه من اكثر الرجال ثقافة الى أكثرهم جهلا (عمي هو الرجل محصل على حقوقه حته المرأة والله بطرانين ذوله ) فترك القرار دون تعميم ومعرفة والخطة الوطنية دون تطبيق بسبب عدم إهتمام الحكومة ومؤسساتها به وعدم تخصيص أموال في الموازنة لتطبيق ونشر هذا القرار.
وتبقى المرأة تعاني من العنف بكل أنواعه يدعونا الله بالقران وكتبه السماوية الأخرى أن نصون حقوق المرأة فنسلبها تلك الحقوق وتصدر الأمم المتحدة ومجلس الأمن القرارات التي تدافع عن حقوق المرأة فلا نطبقها تصدر الحكومة خطة وطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن فـ(تغلس) عليه الدوائر والمؤسسات والوزارات متعمدة لأنه يخص المرأة ولو كان القرار تضمن زيادة الرواتب أو الدعوة الى الزواج لأكثر من زوجة لكان هذا القرار بيد كل عراقي يقرأة من الألف الى الياء وتنشغل به وسائل الأعلام ووسائل التواصل الأجتماعي وحتى الجوامع والحسينيات وخطب الجمعة.
ويبقى عدم تطبيق قرار مجلس الامن 1325 منذ عام 2000والخطة الوطنية لتطبيق هذا القرار منذ عام 2014 سلب لحقوق المرأة وعنف جديد تواجهه النساء في كل العراق مع صمت مطبق للكثير من منظمات المجتمع المدني التي تهتم بقضايا المرأة (إن إطلعت عليه هي أيضا) وكذلك الكثير من صانعات القرار من النساء من أعضاء الحكومات التشريعية من المجالس المحلية مرورا بمجالس المحافظات وصولا الى البرلمانيات إن كلفن أنفسهن وإطلعن على قرار يخص حقوقهن كنساء وتبقى المرأة العراقية صابرة محتسبة والله المستعان.
م.ص/صحيفة الشرق