لا تختلف فرص حصول النساء على مناصب عليا في المواقع التنفيذية وفي القطاعات المختلفة، عن فرصهم في المجال السياسي رغم وجود نظام كوتا في البرلمان، ورغم الدعاية التي تقدمها الاحزاب والتي تؤكد انفتاحها على زيادة نسبة تمثيل النساء ومنحهن ادوار متقدمة بما يعزز فرص التنمية والتقدم.
يرى “احسان رسول” الذي يعمل في مجال المحاماة، انه رغم التحسن النسبي في نظرة المجتمع نحو قضايا المرأة وتقبل عملها في المناصب العليا ومشاركتها في العمل السياسي، الا ان المعاناة والتحديات التي تواجها النساء في الواقع السياسي لا تختلف عن ما تواجهه في المجتمع بشكل عام.
ويوضح “ما زالت الثقافة السياسية السائدة وحالة التسلط التي تمارسها احزاب السلطة تشكل احد المعوقات الرئيسية المؤثرة سلبا على مشاركة المرأة في الحياة السياسية فالموروث الثقافي والسياسي الذكوري لا يخلق دافعا للمشاركة لدى الكثير من النساء خاصة من يجدن في العمل السياسي فرصة لأثبات وجودهن بعيدا عن الامتيازات المادية”.
ويلفت رسول الى نقطة اخرى يعتبرها مهمة تتمثل في قيام معظم الاحزاب باتخاذ مشاركة المرأة “كنوع من الدعاية السياسية والإعلامية لها”.
ويرجع رسول الأسباب الكامنة وراء عدم تقدم الكوادر النسوية التابعة للاحزاب السياسية في ميدان السياسة، وعدم لعبهن أدوارا مؤثرة تجعل منهن شركاء في القرار، الى “عدم اهتمام القيادات الحزبية بتوفير مستلزمات التدريب والتطوير للكوادر النسائية ضمن تلك الاحزاب، وذلك اضعف أكثر مشاركة النساء في المواقع القيادية في العمل الحزبي”.
تتفق الناشطة المدنية “امل جلال” مع وجهة نظر رسول في ان العقلية الذكورية هي السائدة في العمل السياسي من القادة الى القواعد الدنيا “ما يجعل فضاء عمل النساء في مجال السياسة ضيقا جدا فهي لا تتحرك بحرية في عالم السياسة.
وتقول جلال ان الكثيرين داخل الطبقة السياسية “مازالوا ينظرون للمرأة ضمن حلقة العمل السياسي كامرأة وليس كانسان يمارس كالرجل فعل سياسي، فيتم التعامل معها بمنظار الحلال والحرام والغرائز في الوقت الذي نحتاج فيه الى نضوج فكري ومعرفي ضمن الفضاء السياسي بعيدا عن تلك الجوانب الغريزية، فيجب ان يتعامل الجانبان مع بعضهما كسياسيين ناضجين ويناقشا مختلف القضايا بعقلية حرة واعية”.
الكوتا لم تشكل الخلاص
جاءت فكرة تعزيز عدد النساء في المناصب السياسية من خلال نظام (الكوتا) على أساس الجنس والتي تم تحديدها ب 30% وعملت على زيادة التمثيل النسائي في السلطة التشريعية دون ان تسري تلك النسبة على السلطتين التنفيذية والقضائية.
لكن حتى في المجال التشريعي تقوم الاحزاب السياسية باختيار عدد معين من المرشحات في كل انتخابات وفقا لما يخدم مصالحها السياسية وتوجهاتها الحزبية وليس على أساس الكفاءة وقدرات تلك المرشحات وتأثيرهن المجتمعي وادوارهن في التنمية.
يقول الناشط سامان شنكالي ان الاحزاب “أجهضت الفائدة التي من أجلها اقر نظام الكوتا، وهو تفعيل دور المرأة وتحسين واقعها السياسي الذي يفترض ان ينعكس على باقي القطاعات، وذلك باختيارها لمرشحات لا يتمتعن بالكفاءة هن في الغالب مجرد وجوه يتواجدن في البرلمان ولا يملكن الشخصية النافذة بل يقبلن بكل ما يملى عليهن، ويغادرن بعد اربع سنوات دون أن يتركن اي أثر سياسي”.
الدور السلبي لوسائل الاعلام
ترجع شيلان محمد الناشطة المدنية الرؤية الضيقة لدور المرأة وامكاناتها، الى وسائل الاعلام التي اخذت تركز معظمها على اظهار صورة نمطية غير حقيقية للمرأة من خلال تقديمها ضمن مجالات تنحصر بالجمال والديكور والاناقة والمطبخ او ضمن دور الضحايا دون اكتراث للجوانب والقصص الايجابية للمرأة وتطلعاتها وادوارها المتعددة في الحياة.
في هذا المجال تذكر مديرة هيئة السياحة في اقليم كردستان أمل جلال ان الكثير من البرامج في وسائل الاعلام تقدم النساء كواجهات وكسلعة. كما ترى ان هنالك “قصورا واضحا لتلك الوسائل فيما يخص عرض قصص نجاح النساء في امور عديدة والتي يمكن ان تساهم في تغيير الصورة النمطية عن النساء في مجتمعنا، وتلك الوسائل لا تعرض دور المرأة في التاريخ الكردي فنادرا ما يتم تقديم قصص لنساء كان لهن تأثير في الساحة السياسية والاجتماعية”.