أصابها الذعر والغضب عندما أرسلت لها صديقتها صورة لمنشور في الفيسبوك يمس شرفها ويتهمها بالعمالة لصالح سفارات ومنظمات أجنبية.
لم تتوقع نور قاسم (27 عاما) أن يتم استغلال صورها التي نشرتها عبر صفحتها في الفيسبوك عن مشاركتها في المظاهرات المطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية ومحاربة الفساد، للنيل منها والتحريض على قتلها وطردها من ساحة الاحتجاجات، حسبما ذكرت.
وأوضحت نور للجزيرة نت قائلة “كنت وما زلت فخورة بنفسي وأنا أتقدم النساء في المظاهرات، وأنشأت تجمعا نسويا كبيرا دعمت من خلاله الاحتجاجات”.
بعد مرور أكثر من شهرين على المظاهرات، انطلقت حملة تشهير وتحريض ممنهجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي استهدفت القيادات النسوية في الحراك الاحتجاجي، وأصبح الفيسبوك الأداة الأكثر استخداما لقمع الناشطات عبر تلفيق التهم ونشر الصور المفبركة، وفقا لنور.
واتهمت نور الأحزاب التي وصفتها بالفاسدة بدفع جيوشها إلالكترونية لتشويه سمعتها هي وغيرها من الناشطات عبر استخدام صورهن خلال الأنشطة الاحتجاجية التي نفذت قبل سنوات بتمويل من منظمات دولية بالتعاون مع جهات حكومية وفرق تطوعية، لتتهم بعد ذلك بالعمالة.
ولفتت إلى أنه ليس غريبا أن يتم استهداف الناشطين في المظاهرات، ولكن الغريب أن يصدق الناس أخبار الصفحات الوهمية ويؤيدونها بدون التأكد من صحتها أو إدراك خطورتها.
هل نجحوا في قمعهن؟
طيلة فترة المظاهرات، لم تشعر نور ورفيقاتها بالقلق، ولكن بعد هجمات العنف والتحريض أصابهن الخوف، خاصة أن العصابات “غير المجهولة” اخترقت المظاهرات وقد تستغل العقل الجمعي للتحريض ضدهن.
وتضيف أنه رغم ضغوطات أسرتها وأقاربها لتحجيم مشاركتها في المظاهرات فإنها ما زالت مستمرة في أداء ما تسميه “الواجب الوطني” بالمشاركة في الاحتجاجات مع اتخاذ إجراءات الأمن والحماية والتنكر بمظهر مختلف.
ناشطات في خطر
تواجه الناشطات -وخاصة الداعمات والمشاركات في المظاهرات- حملة عنف غير مسبوقة بدأت بالخطف والقتل والتهديد ثم التشهير عبر صفحات الفيسبوك، تقول فاطمة سعد.
وتضيف أنه “منذ انطلاق المظاهرات في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شاركت العراقيات بشكل واسع ومتعدد الأدوار ،وكان لهنّ دور كبير في تعزيز المظاهرات ودعمها، مما أسهم في كسر الصورة النمطية المترسخة في ذهن المجتمع عن المرأة بشكل عام”.
غير مؤكد
لم تستشهد ولم تصب أي ناشطة في المظاهرات ما عدا واحدة تعرضت للإصابة مع والدتها في البصرة (جنوبي البلاد). كما لم تتعرض الناشطات للاختطاف ما عدا الناشطة المسعفة صبا المهداوي، وفقا لبيانات المفوضية العليا لحقوق الإنسان حسب مسؤولة ملف المرأة فاتن الحلفي.
وأضافت فاتن أن نسبة مشاركة المرأة العراقية في المظاهرات بلغت 12%، وكان لها دور كبير وفاعل في دعم المظاهرات.
وحول ما نشر في مواقع التواصل الاجتماعي عن استهداف الناشطات بسبب المظاهرات بالقتل أو الاختطاف، نفت فاتن صحتها لكون التحقيقات التي أجريت حولها لم تثبتها، لذلك بقيت مجرد ادعاءات، لافتة إلى أن غياب ثقافة الشكوى والخوف لدى المواطنين أسهمت في ضياع حقوقهم.
لسنَ هدفا
حملة أطلقتها النساء في مبادرة “عراقيات للتغيير” بهدف المدافعة عن الناشطات في المظاهرات ومناصرتهن بعد حملة العنف التي استهدفتهن، بحسب إحدى عضوات المبادرة فريال الكعبي.
وتعتبر هذه الحملة أول حملة مدافعة في العراق بعدما صدر عن “عراقيات للتغيير” بيان صحفي يدعو السلطات الحكومية إلى حماية الناشطات والمدنيين ومحاسبة المجرمين.
كما طالبت فريال منظمات حقوق الإنسان بمناصرة الناشطات في ميدان المظاهرات وتوعيتهن بإجراءات الحماية الجسدية والأمن الرقمي.
الحاجة إلى قانون
من جهتها ترى عضوة “بيت الإعلام العراقي” منار عز الدين أن ظاهرة التنمر الإلكتروني إزاء المرأة لا ترتبط بالعراق فقط، ولكن تبدو هذه الظاهرة أكثر تعقيدا في العراق بسبب قوتها واتساع رقعة تأثيرها لكونها ترتبط بعمق العادات والتقاليد الظالمة للمرأة رغم كفاحها المستمر للتخلص منها.
وترى منار ضرورة تشريع قانون الحماية من الجرائم الإلكترونية بما يضمن حماية حقوق المرأة بشكل عادل، داعية مؤسسي الصفحات الفعالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى دعم المرأة وتبني حملات مدافعة تتضمن محاربة الشائعات التي تستهدفها، والإبلاغ عن الصفحات الوهمية ليتم التخلص منها نهائيا.