تشهد منصات التواصل الاجتماعي في العراق في السنوات الاخيرة انفجارا في ظاهرة الاعلانات المضللة التي تروج لمنتجات تجميل وتنحيف اغلبها مهرب وغير مرخص من وزارة الصحة، ورغم خطورتها الصحية وغياب اي دليل علمي على فعاليتها، الا انها تنتشر بشكل واسع عبر حملات دعائية مقصودة تعتمد على شهرة الفنانين والمؤثرين والاعلاميين لاستغلال ثقة الجمهور وقد نشطت في العراق الكثير من الشركات الوهمية والمسوقين غير المرخصين يلجأون الى اسلوب “التلميع الدعائي” عبر التعاقد مع اسماء بارزة ومعروفة اجتماعيا، ويمنحونهم مبالغ مالية مقابل الظهور في مقاطع فيديو او صور وهم يستخدمون المنتج او يمدحونه بعبارات جاهزة، رغم معرفتهم المسبقة ان هذه المواد غير خاضعة للرقابة الصحية، وبعضها يدخل الى البلاد بطريقة التهريب، مما يجعلها مجهولة المصدر والتركيب وربما غير آمنة للاستخدام.
ويستغل المسوقون حقيقة ان الجمهور يثق بالمشاهير ويتأثر بخطابهم، فيتم تمرير المنتج المجهول على انه آمن وفعال و”مضمون”، ليقع المستهلك ضحية الوهم، خصوصا النساء اللواتي يبحثن عن حلول سريعة في مجال التجميل والتنحيف،
أن هذا السلوك لا يعد مجرد دعاية منحرفة، بل هو خرق مباشر للقوانين العراقية، فالمسؤولية هنا ليست فقط اخلاقية بل قانونية ايضا، فالمشهور الذي يعلن عن منتج غير مرخص او يقدم معلومات كاذبة يعد شريكا في التضليل ويمكن مساءلته وفقا لقانون حماية المستهلك وقانون العقوبات بتهمة الاحتيال، لان القانون لا يميز بين شركة كبرى ومسوق فردي او مؤثر على السوشيال ميديا، فكل من يروج لسلعة تضر بالصحة او تخدع المستهلك يتحمل المسؤولية.
ورغم وضوح النصوص القانونية التي تمنع الاعلانات الكاذبة وتفرض غرامات وعقوبات وحتى الحبس، الا ان التحدي الحقيقي يكمن في ضعف تطبيق القانون وعدم متابعة الجهات الرقابية لجميع الصفحات والحسابات التي تمارس هذه المخالفات،كما ان بعض المشاهير يعتقدون ان شهرتهم تحميهم من المساءلة، فيستمرون بالترويج العلني لمنتجات مهربة وغير مسجلة، مما يشجع الشركات الوهمية على التوسع في تجارتها، ونتيجة ذلك يتحمل المستهلك المخاطر الصحية والخسائر المالية بينما يظل اغلب الفاعلين بعيدين عن العقاب، الامر الذي يثير تساؤلات جدية حول الحاجة الى تشديد الرقابة وتفعيل العقوبات بصورة اكثر صرامة لحماية الناس من “تجارة الوهم” التي انتشرت دون رقابة حقيقية.
وفي ظل هذا الواقع، يصبح من الضروري اعادة النظر في آليات تطبيق القانون، وتشديد المساءلة على الشركات والمسوقين والمشاهير على حد سواء، لان استمرار هذه الظاهرة يعني المزيد من الاضرار الصحية والنفسية والمالية للمستهلكين الذين يتم خداعهم يوميا بمنتجات لا تحمل ادنى شروط السلامة وتعرض حياتهم للخطر ، ولاتحتاج السلطات العراقية الى ابلاغات او ادلة لان الاعلانات من هذا النوع منتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وممولة يقدمها اشخاص يعرفهم الناس ويحترمونهم، دون ان يدرك الكثيرون ان هؤلاء جزء من عملية الخداع يعرضونهم للخطر بمقابل المال .




