منار الزبيدي
فئة من النساء لا يمكن التكهن بعددهن الدقيق فغالبا لا يفصحن او لا يعرفن بانهن لا جنسيات ،تعيش اغلبهن في ظروف لاتشبه أي ظروف اخرى فلا يمكنهن التعبير عن ميولهن ولا يمكنهن رفض الزواج خوفا من اتهامهن بارتكاب افعال لا اخلاقية او الصاق التهم بهن .
وبين الخوف من البوح بهذه الفطرة التي خلقن بها فوجدن انفسهن وبين اجبارهن على الزواج نزولا عند رغبة اسرهن الذين لم يجدوا جوابا لأسئلة الناس المتكررة لماذا لم تتزوج ابنتكم لحد الان؟ و لماذا ترفض الزواج اصلا؟
تعاني هذه الفئة من النساء في مجتمعنا من الامرين مر الفطرة التي خلقن عليها ومر المجتمع القاسي الذي لا يتفهم ذلك، اناث بتمام الخلقة بلا اضطرابات عقلية ولا امراض نفسية ولا شذوذ جنسي ولا عيب خلقي ولا شيء يميزهن عن الاخريات سوى انعدام الرغبات الجنسية.
الكثير من اللاجنسيات تعرضن الى التنمر المجتمعي والاستهزاء عند البوح بما يشعرن به واخريات فضلن الصمت والخضوع لرغبات المجتمع والاسرة وتزوجن ليعشن مأساة اكبر.
في العام 2015 كانت الاء ياسين (30) عام تسكن في بغداد تتصفح بعض المواقع عبر محرك البحث كوكل وظهر امامها علم مختلف و كلمة “لاجنسية” كانت معلومات جذابة ومميزة بالنسبة لها ادخلت على قلبها فرحة كبيرة قادتها لمعرفة بانها ليست الوحيدة في هذا العالم التي لا تشعر بميول جنسي وبانها ليست مختلفة بل يوجد الكثير مثلها حول العالم.
ومن هنا بدأت القصة.
تقول الاء: لطالما كان الجنس وعلاقات الحب لا يخطران على بالي، وعندما اتعرض للسؤال حول عدم مروري بأي علاقة حب كنت اظن بسبب تفكيري العملي ، و في احد المرات خطر على بالي ان يكون عندي خطب ما ، ورحت اتساءل لماذا انا الوحيدة في هذا العالم لا اشعر بأي انجذاب رومانسي او جنسي تجاه احد، لماذا لا استطيع ان اشعر بالرجال المحيطين بي شعوراً اخراً عدا الصداقة.
و تكمل: لم اشك للحظة واحدة بذاتي ولم اكترث ولم اتضايق ولم انزعج بتاتا، وكنت اقول حتى لو كنت اعاني من خللا ما فأنا فخورة بهذا الخلل ولن اقوم بعلاجه، في سنة ٢٠١٥ كنت ابحث في الگوگل وظهر امامي علم جذاب وعنوان مميز وهو “اللاجنسية” كانت من اسعد اللحظات التي اكتشفت فيها انني لست الوحيدة في العالم هنالك من هم مثلي.
وبعد سنتين قررت الاء الا تكون وحيدة وعليها البحث عن الذين يشبهونها ” في عام ٢٠١٧ قلت في نفسي كفى، آن اوان للبحث عن اشباهي في العالم العربي، فوجدت هذه الصفحة “اللاجنسية” وكانت لا تزال صفحة ناشئة ،انضممت لها وقمنا بعمل مشترك وانضم الينا اشخاص من دول مختلفة وبدأنا النشر والعمل على التوعية وصنع بروشورات والتحدث مع المنظمات ،حتى انتهى بنا المطاف بتأليف كتاب مشترك قام بقراءته المحامي والطبيب والكاتب والمثقف و الاديب ، وسيتم اطلاقه قريبا في الجزائر وبقية دول المغرب العربي”كما تقول.
وقررت الاء ان تتحمل مسؤولة كبيرة في التوعية باللاجنسية والدفاع عن حقوقهم” احمل على عاتقي حمل مشكلاتكم ومعاناتكم وايصالها الى ابعد ما يمكن ، واعدكم ان لا اتوقف عن النشر والتواصل مع المنظمات العربية والاجنبية ، وعمل التقارير، و التحدث في القنوات واقامة الندوات حتى يسمع العالم اجمع وحتى يأخذ كل اللاجنسيين حقوقهم”وتقول بان الرومانسية لا علاقة لها باللاجنسية فهي مجرد صداقة “اني ما عندي حتى انجذاب رومانسي”
اغتصاب زوجي
تشير الاء الى ان اللاجنسيات نساء سليمات جسديا و جنسيا ونفسيا وعقليا وان هذه الطبيعة موجودة منذ الخلقية ،في العراق ومناطق عدة من العالم تعيش اللاجنسيات المتزوجات ظروفا صعبة جدا فبسبب عدم ميولهن الجنسي يتعرضن الى العنف اللفظي والجسدي والاغتصاب الزوجي و اما الرجال اللاجنسيين المتزوجين فهم ايضا يعانون ايضا من مشاكل صحية واجتماعية تنتهي غالبا بالطلاق.
بعد ان كانت الاء تعاني من ضغوطات مجتمعية كبيرة وتدخلات كغيرها من اللاجنسيين والتي تنوعت بين التكذيب والاستهزاء والتدخل وسوء الظن والاقتراحات غير المنطقية بمراجعة طبيب نفسي او التخلص من ذكرى تحرش في الطفولة، اصبحت اليوم ايقونة عراقية تعتلي المنصات الاعلامية الجماهيرية لتتحدث عن نفسها وغيرها، وتعرفت على من يشببها في الوطن العربي واصبحت جزء من فئة مختلفة بدأت تكبر وتعمل باتجاه توعية المجتمع حتى ولد اول كتاب في الوطن العربي يتحدث عن “اللاجنسية”.
تعرف على اللاجنسية Asexuality. مؤتمر تيداكس الثامن 2018:https://www.youtube.com/watch?v=qclvKw6Vuns