المنار نيوز/بغداد
احتضن مجلس صفية السهيل الثقافي (باقر ياسين) للحديث عن كتابه (تاريخ العنف الدموي في العراق)، وقد حضر الجلسة وكيل وزارة الثقافة فوزي الاتروشي والعديد من المثقفين والمؤرخين والبرلمانيين وناشطي منظمات المجتمع المدني بينهم اعضاءالبرلمان شروق العبايجي، وحدة الجميلي، حاجم الحسني، وائل عبداللطيف، طلال الزوبعي، شاكر كتاب، والوزير السابق رائد فهمي، والمؤرخ سالم الآلوسي وآخرون.
حيث قدمت السيدة صفية السهيل الكاتب بأنه كاتب وسياسي، قضى سنيناً من عمره في المنفى الاجباري في سوريا هربا من نظام الحكم الدكتاتوري البائد, واستهل الكاتب الحديث بتساؤل (ان التاريخ العراقي حافل بالعنف والدموية والقتل، ورغم ذلك فمنه انطلقت اولى الحضارات وازدهرت، فكيف استطاع العراقيون تقديم انجازات رائعة كان لها الاثر في العالم كله مثل اكتشاف العجلة والكتابة واولى القوانين المدنية واولى الحرف الزراعية والصناعات اليدوية، ومع ذلك سجله حافل بالقتل والتخريب والدموية المتميزة منذ خمسة آلاف سنة؟)
وهذا التناقض التاريخي كان محور الجلسة، اذ تناول الكاتب تاريخ العراق منذ خمسة الاف سنة واكتشافاتهم ودورهم في التأثير على الحضارات الاخرى، كذلك تناول طبيعة الارض كواحدة من اسباب الحزن والكآبة لدى الفرد العراقي، اضافة الى كونها سبباً في جعل العراق مطمعا للغزاة والمحتلين على مر العصور.
يبدأ تاريخ العنف الدموي منذ اولى الحضارت ليستمر الى يومنا هذا، وفي كل مرة يكون الصراع على السلطة ومن اجل الخلافة والإرث.
كما تناول الكاتب في كتابه ادوات التعذيب وطرق القتل التي كانت تبتكر في كل مرحلة من مراحل تاريخ العراق، وتناول جريمة القتل الجماعي التي كانت معروفة منذ الاف السنين.
واختتم الكاتب حديثه الذي امتد لأكثر من ساعتين الى ان البحث في هذا الكتاب دفعه الى تأليف كتاب آخر وهو (شخصية الفرد العراقي ثلاث صفات خطيرة/التاقض، التسلط، الدموي)، وخلص الى ان العنف في العراق حالة قديمة ومستديمة ومتسلسلة وفيها من البشاعة والابتكار في فنون القتل والسحل مايميزها عن البقاع الاخرى.
بعد ذلك قدم السيد فوزي الاتروشي عرضا عن الكتاب وعن الكاتب قائلا: (الكتاب يجيب عن الكثير من الاسئلة في حياتنا العراقية، وهو من الكتب التأسيسية لوعي جديد ويؤكد قولا مأثورا، ان الكل يريد ان يغير العالم من حوله ولكن لا احد يريد ان يغير نفسه).
كما اعتبر الاتروشي الكاتب امتدادا لنهج علي الوردي في البحث والتعمق والتتبع للوصول الى الاستنتاج ليعده في مصاف المفكرين الباحثين عن دقائق الامور وتفاصيلها. وهو كذلك جريء في تناوله لموضوع تاريخ العراق الدموي قائلا: (الكتاب غير معني بتاريخ الرافدين بل بجزئية من التاريخ العراقي، وهذا تميز في ان يدرس الكاتب جزئية ويتابع هذه الجزئية ليتعرف على عدة امور تتجزء منها).
واشار الاتروشي الى ان الكاتب اتبع المنهجية في الكتابة والبحث، وكذلك التوثيق، حيث اعتمد باقر ياسين على التوثيق من الكتب الأصلية التي تعود الى كل مرحلة من مراحل البحث مثل علي الوردي والطبري وابن تيمية ولم يعتمد على المستشرقين.
واهم ما اشار اليه السيد فوزي الاتروشي كون الكاتب لم يعتمد على الفضائحية او التلاعب بالكلام وطرح الاكاذيب بل اعتمد التحليل الرصين ومن خلال مقدمات صحيحة للتوصل الى نتائج صحيحة.
ومرة اخرى مر الاتروشي على ذكر اسباب العنف الدموي في العراق من خلال السلاطين والملوك والرؤساء وكأن التاريخ يجتر نفسه في استنساخ القوانين وفي توجيه العقوبات. واختتم حديثه بقوله (ابارك للاستاذ باقر ياسين هذه الجرأة في اقتحام دواخلنا والبحث في الاسباب الذاتية للعنف وعدم تعليق العنف بمجمله على مانسميه بـ”المؤامرات الخارجية”، فكل تجارب الشعوب المتحضرة تشير الى انها راجعت نفسها وتاريخها قبل اي شيء آخر).
فيما جرت عدة مداخلات من الحاضرين اغنت الجلسة واثرتها وعيا وثقافة وعمقا، وكان الرأي السائد ان العنف فعلا حالة مستشرية في ماضي وحاضر العراق ولابد من قطع دوامته بالالتزام بالدولة الديمقراطية المدنية التي هي النموذج الذي تحتمي به البشرية المتحضرة.
من الجدير بالذكر ان الكاتب باقر ياسين من مواليد البصرة، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الادب العربي في جامعة بغداد، ودبلوم في الادب من الجامعة اليسوعية في بيروت، ودخل السجن اكثر من مرة وحكم بالاعدام عام 1973 بسبب نشاطه السياسي. وله اكثر من ستة كتب مطبوعة.
هذا وقد قدم السيد فوزي الاتروشي مجموعة الكبيرة من الكتب الثقافية لإغناء مكتبة مجلس صفية السهيل.