غير مصنف

هل يرفض إيزيديو العراق أطفال ناجيتهم من داعش؟

صلاح حسن بابان

“تخلصت منه، لأنه من أب مغتصب ينتمي لتنظيم الدولة الإسلامية وأم إيزيدية تعرضت للاغتصاب من قبل 5 أشخاص على مدار ست سنوات متتالية دون أن يعرف من هو والده الحقيقي”.

هكذا تسرد الناجية الإيزيدية سوزان سمو (19 عاما) قصتها بعد تحريرها من إحدى العائلات التابعة لأحد أمراء تنظيم الدولة في مخيم الهول الذي يأوي عشرات الآلاف من الإيزيديين والنازحين وأفراد عائلات مقاتلي الدولة في سوريا بعد دفع مبلغ قدره 20 ألف دولار لأحد المهربين من قبل عمها.

وكانت سوزان قد اختطفت مع ثلاث من شقيقاتها ووالديها واثنين من إخوانها في أغسطس/آب 2014 من قبل عناصر تنظيم الدولة، ولا تعرف مصيرهم حتى الآن

وتقول سوزان للجزيرة نت إنها اضطرت لترك رضيعها قبل اجتيازها الحدود العراقية السورية خوفا من رفضه من أهلها ومجتمعها بعد أن كانت قد أنجبت طفلا آخر عام 2015، وأخذ منها بعد شهر من ولادته.

ويعاني عشرات الأطفال المولودين من آباء ينتمون لتنظيم الدولة، وأمهات إيزيديات ناجيات أصبحن ضحية أعراف المجتمع الإيزيدي الرافض لهؤلاء الأطفال، ليكون المجهول هو مصيرهم.

أسباب الرفض
وتقف عدة أسباب أمام الإيزيدي لرفض أطفال الناجيات، أبرزها ما يتعلق بالعادات والتقاليد الدينية والمجتمعية، كما ينظر إلى هؤلاء الأطفال بأنهم يشكلون خطرا ونقطة سلبية على المجتمع الإيزيدي في المستقبل.

ويبقى الطفل من هؤلاء منبوذا في المجتمع الإيزيدي لكونه لم يولد من أبوين إيزيديين إضافة الى صعوبة زواجه أو ارتباطه في المستقبل مع شخص إيزيدي.

غسل دماغ
وهناك ناجيات إيزيديات يرغبن بالاستمرار في تربية أطفالهن والعيش معهم بغض النظر عن العوائق القانونية والاجتماعية والدينية، ويؤكد مدير فرع سنجار للمنظمة الإيزيدية للتوثيق خيري علي إبراهيم للجزيرة نت أن هؤلاء النساء تعرضن لعمليات غسل الدماغ ولا يعلمن بما يقلن.

وأبدى استغرابه من قيام ناجية بتربية طفل أباه اشترك بتنفيذ جرائم ترتقي للإبادة الجماعية بحق شعبها وأهلها، إضافة إلى أنه ولد نتيجة الاغتصاب والعنف الجنسي. وقال: مع هذا نحن متعاطفون جداً مع هؤلاء الأطفال من مبدأ الإنسانية وبراءة هؤلاء الأطفال.

وفي حين قبلت بعض الناجيات تربية أطفالهن بالمناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم في سوريا، رفض قسم آخر منهن أطفالهن المولودين من العنف الجنسي، ويتم وضع الأطفال المولودين بهذه الطريقة في رياض مخصص للأطفال تحت اشراف قوات “سوريا الديمقراطية” شرقي سوريا، ودار خاص بشؤون الأيتام في محافظة نينوى شمالي العراق.

اعلان

 8 آلاف طفل
واتهم إبراهيم الحكومة العراقية بالتقصير في دعم الناجيات الإيزيديات وإعادة تأهيلهن نفسيا ومعنويا، داعيا المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الإيزيديين لتجاوز هذه المحنة كون مسألة الأطفال المولودين نتيجة العنف الجنسي معقدةً للغاية بحسبه.

وتؤكد إحصاءات أجريت من قبل عدة منظمات محلية أنه خلال عامي 2018 و2019 وجد نحو 8 آلاف طفل يعانون من مشكلة إثبات النسب والهوية في المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة مثل الأنبار ونينوى ومناطق أخرى في كركوك وصلاح الدين، مع اختطاف نحو 6414 من النساء والأطفال الإيزيديين، ولا يزال مصير أكثر من 2900 مجهولا.

التحدي الأكبر
وواجه المجتمع الإيزيدي التحدي الأكبر بقبول الناجيات من سطوة التنظيم عام 2014 بعد قرار أمير الإيزيدية والمرجع الروحي لهم، إضافة للمرجع بابا شيخ، باستقبال الناجيات من قبضة التنظيم ومساعدتهن كون ما وقع عليهن لم يكن بإرادتهن.

وحسب شهادات ناجين وناشطين متابعين لهذا الملف، قام التنظيم بعمليات غسل الدماغ للإيزيديات اللائي ما زلن تحت قبضته في سوريا بأنه لم يعد لديهن أحد من عائلاتهن، وسيتم قتلهن من قبل المجتمع الإيزيدي في حال عودتهن.

ووفقا لمتابعة مهتمين، كان هناك تخطيط مسبق بالتطهير العرقي للإيزيديين لتغيير النسب على ضوء عمليات الإبادة التي تعرضوا لها في أغسطس/آب 2014. كما يرى ذلك خضر دوملي المختص بحل النزاعات والباحث المهتم بقضايا الناجيات الإيزيديات، الذي أكد للجزيرة نت أنه يصعب على المرأة الإيزيدية أن تقوم بتربية طفل داخل عائلتها، والكل يعرف أن والده اشترك بعمليات القتل والإبادة بحق الإيزيديين والخطف والسبي والاغتصاب التي تعرضوا لها وخاصة في سنجار.

انتقاد الحكومة
وحسب دوملي فإن الحكومة العراقية غير مستعدة حتى الآن لإصدار تشريعات لمعالجة هذه الظاهرة، مع غياب الحلول لآلاف الأطفال مجهولي النسب والأصل.

وسيؤدي جلب الناجيات لأطفالهن معهن إلى صراع جديد مع المجتمعات المجاورة، لاسيما وأن أغلب آباء هؤلاء الأطفال قتلوا. ولا يستبعد أن تتم ملاحقة الإيزيديين بهذا الأمر مرة أخرى، وهذا ما يدعو لأهمية وجود قانون ينظم ذلك كجزء من إنصاف الإيزيدية وكجزء من مسيرة تحقيق العدالة، حسب دوملي.

زر الذهاب إلى الأعلى