قصص وتقارير

فتيات يعملن في الكافيهات والمقاهي بين التحرش والاستغلال

منار الزبيدي

في مشهد يتكرر في أغلب المدن العراقية، تظهر فتيات صغيرات يعملن في كافيهات شبابية مزدحمة، هناك من تقدم  الطلبات وتنظيف الطاولات مع ابتسامة مفروضة، الله وحده يعلم  ماتحفيه من معاناة وألم، ورغم أن العمل بحد ذاته ليس عيباَ لكن بمجرد ان تكون دوافعه الاستغلال الجسدي في البيئة غير الآمنة، فان المشألة يجب ان تتحوّل  إلى قضية رأي عام لحماية الفتيات ووضع حد لاستغلالهن.

لقد اصبحت الكافيهات والمقاهي الشبابية تمثل مساحة عمل  غير رسمية للفتيات، خصوصًا من قبل فتيات الأسر المحتاجة  او اللواتي يتم استغلالهن بعيداً عن اسرهن، ولاتخضع  مساحات العمل غير الامنة لا تخضع  لرقابة قانونية أو مهنية صارمة ممايعرض اغلب العاملات الى  التحرش اللفظي والجسدي او الاستغلال المالي مع  العمل لساعات طويلة دون ضمانات بالاضافة الى فرض  المظهر بطريقة مبتذلة لجذب الزبائن خاصة الشباب.

قصص واقعية

تقول نورس سيف (22) عام  وهو اسم “مستعار” :بدأت العمل في كافيه بسبب الحاجة للمال، لكن صاحب المكان كان يطلب  مني انا وزميلاتي التودد و التحدث بلطف زائد مع الزبائن،كنت أشعر بأنني سلعة أكثر من كوني عاملة، بعض الزبائن كانوا يتعمدون لمس يدي أو طلب رقم هاتفي، وعندما اشتكيت لصاحب العمل قال لي هذا هو عملك الاساسي وكلما كنت لينة مع الزيائن كلما دام وجودك معنا وزاد مرتبك” .

تضيف :هناك الكثير من الفتيات اللواتي يعملن في مقاهي وكافيهات حيث الموسيقى الصاخبة والاراكيل بعضهن يرغبن بالعمل هناك بسبب الاجور المرتفعة وما يحصلن عليه من بخشيش من الزبائن “طريقة سريعة لكسب المال”اغلب اصحاب العمل يختارون حسب المظهر ومهارة المرونة للعاملة وتتنوع اذاوقهم بعضهم يريدونها رشيقة واخرين يفضلون البدينة نوعا ما.

اغلب النساء ترفض فكرة ان يكون  الدافع لعمل المراة  في الاماكن المشبوهة هو الفقر او العوز المالي، فهناك الكثير من النساء يعملن في اعمال منزلية او ابتكارية عبر شبكة الانترنت “صحيح انها اعمال متعبة لكنها تكفل كرامة المراة” كما تشير الحقوقية ضحى ناصر.
وتعتقد ناصر ان تفكك الأسرة أو غياب أحد الوالدين هو ابرز الدوافع بالاضافة الى استغلال  بعض اصحاب العمل في استغلال الفتيات بدافع تحقيق الارباح العالية وجذب الشباب،وتعتقد الحقوقية ان عددمن العاملات في تلك الاماكن بتعرضن للتحرش اللفظي والجسدي بشكل ربما يكون متكرر و قد تُواجه العاملات اتهامات أخلاقية حتى لو كانت ضحية وقد يؤدي الانخراط المستمر في بيئات العمل غير الآمنة الى  استغلال جنسي أو تهديدات خفية تجبر العاملات على السكوت والرضوخ لتلك الرغبات .

وتؤكد ناصر على ان غياب الرقابة والمساءلة اسهمت بشكل كبير في زيادة المشكلة  حيث لا يوجد تفعيل للتشريعات القانونية التي تحمي الفتيات العاملات في الأماكن غير الرسمية وهناك ضعف واضح في  دور دوائر العمل والرقابة المجتمعية في متابعة ظروف العمل داخل المقاهي ونشكل ايضا على دور  النقابات المهنية و عدم وجود آليات الإبلاغ الموثوقة”كل هذه الاسباب وغيرها جعلت الفتيات العاملات في موقع هشّ وضعيف وعرضة للاستغلال والعنف بمختلف اشكاله”.

ودعت الحقوقية النسوية الى ضرورة اعتماد اليات وادوات واضحة من شأنها توفير الحماية للعاملات في القطاع غير الرسمي، خاصة الفتيات العاملات في المقاهي والكافيهات والمطاعم و إلزام الكافيهات بتراخيص عمل تتضمن شروط السلامة ومدونة الأخلاق  والسلوك المهني،واقترحت ايضا اعتماد خطوط إبلاغ سرية لحالات التحرش أو الاستغلال في أماكن العمل تتكفلها المنظمات غير الحكومية المتخصصة مع نقابات واتحادات العمال بالاضافة الى اطلاق برامج التدريب في الامن الشخصي والمهني مع ضرورة  إشراك  قطاعي الإعلام والمجتمع المدني في كشف هذه الظواهر، دون وصم  الضحايا وتقديم الدعم المعنوي والمادي للناجيات من الاستغلال والعنف فالسكوت عن هذه الانتهاكات يعتبر تواطؤً غير مباشر في دوامة  الظلم والاستغلال الذي تتعرض له الفتيات بسبب ظروف قاسية اجبرتهن على العمل في مكان غير لائق وغير آمن.

 

زر الذهاب إلى الأعلى