قصص وتقارير

تعليمات حكومية تحرم النساء من السكن الفندقي

سلوى

كان وقت  حفل تخرج ازهار ميثم (33) عام, و هي فتاة بصرية تدرس  في احدى جامعات بغداد، يتعارض مع وقت اغلاق السكن الداخلي للطالبات الذي يقفل عند الساعة الرابعة مساءً بينما يستمر الحفل حتى الساعة الثامنة ليلاً، لذلك لم تجد ازهار مكانا تقضي فيه الليلة سوى استئجار غرفة في الفندق، لكنها صدمت عندما رفضت ادارة الفندق طلبها بسبب عدم وجود محرم معها تقول ” كانت نظرات مدير الفندق و من حوله غير مريحة و مليئة بالشكوك” مما اضطرها الى المبيت في بيت صديقتها “كان الامر محرجا ومزعجا بالنسبة لي ولصديقتي”.

و لا يختلف الحال بالنسبة لجوان جميل(29) عام، من محافظة البصرة التي تعمل في مجال التسويق لصالح احدى الشركات, فعند وصولها الى احد فنادق بغداد فوجئت برفض طلبها  في الحصول على غرفة الا بشرط وجود محرم, و بعد نقاشات طويلة مع احد عناصر الأمن السياحي, وافقوا على توفير غرفة في الفندق لكن  بشرط  استحصال كتاب رسمي من الشركة التي تعمل فيها .

اعتبرت جميل تعليمات الامن السياحي معقدة وسببت لها اذى نفسي خاصة عندما طلبوا الاتصال باسرتها  اضافة الى زخم  الأسئلة الشخصية التي ولدت بداخلها شعور بعدم الارتياح “اشتراط وجود ولي الأمر استهانة بالمرأة و انتقاص من قيمتها المجتمعية واستقلاليتها”.

ان  تعليمات منع النساء من السكن في الفنادق بمفردهن مخالفة دستورية واضحة  لكنها مراعية للعادات والتقاليد الاجتماعية التي تثقل كاهل النساء خاصة العاملات وتسبب لهن اضرارا مالية ونفسية، حيث ان التعليمات و الضوابط الصادرة من الأمن السياحي ذات العدد (3565) تذكر نصاً انه يمنع اسكان اي امرأة بدون محرم الا بكتاب ايفاد او بموافقة من الأمن السياحي .

تعليمات غير منصفة

رافي جرجيس, مدير فندق قلعة البصرة يرى ان تعليمات منع النساء اللواتي تجاوزت اعمارهن السن القانوني (18)عام من المبيت في الفندق بمفردهن غير منصفة كونهن بالغات راشدات  ولسن بحاجة الى محرم او وثيقة عمل، مشيرا الى امكانية تطبيق التعليمات مع الفتيات دون السن القانوني لحماتيهن.

ويعتبر جرجيس الغرفة الفندقية مكانا امنا بالنسبة للنساء اللواتي لجئن الى الفندق كونه مكان معروف وآمن وهو افضل بكثير من اماكن اخرى قد تكون خطرة  وتعرض المرأة الى الاستغلال.

نفذ و لا تناقش

احد عناصر  الأمن السياحي يقول: ان تعليمات الاقامة الفندقية بالنسبة للنساء معمول بها  منذ اكثر من(10) سنوات و هي مطبقة في عموم العراق وتقوم عناصر الامن السياحي بتطبيقها ومراقبة الفنادق, و لا يمكن الاعتراض عليها .

ويتابع: في بعض الاحيان نصادف نساء يرغبن باستئجار غرفة فندقية ونتعاطف معهن  ومن باب المساعدة نقوم بالاستفسار عن سبب الاستئجار و نتصل  بأحد والديها ليؤكد  وضعها بعدها نطلب من ادارة الفندق السماح لها باستئجار غرفة على مسؤوليتنا الشخصية.

مشيرا الى ان ابرز اسباب التشديد في تطبيق  تعليمات الامن السياحي تتعلق بالعواقب التي يمكن ان تحصل في حال هروب النساء وما يخفي ذلك من مشاكل له عواقب وخيمة.

انتهاك حق دستوري

يرى الخبير القانوني طارق البريسم ان تعليمات الامن السياحي المتعلقة بمبيت المراة في الفندق وغيرها من التعليمات المشابهة تتعارض مع حق حرية التنقل بل و تلغي قانونيتها , و هو امر مرتبط بشكل عام بحرية المرأة و التطور القانوني و التشريعي و مكانتها الاجتماعية.

كما تعتبر حرية التنقل احدى الحريات المكفولة دستوريا كباقي الحريات والحقوق الاخرى ،حيث اشارت المادة(44) من  الدستور العراقي لسنة 2005 الى حرية العراقي في التنقل والسفر والسكن داخل وخارجه وعدم جواز نفي العراقي او ابعاده او حرمانه من العودة الى الوطن و تعتبر من الحقوق الأساسية الواجب ضمانها وعدم التجاوز عليها, بالتالي فان الدستور العراقي  لم يميز بين رجل و امرأة كما كفلت ذلك المواثيق والمعاهدات الدولية، ولهذا فان منع النساء من استئجار غرفة فندقية الا بشرط وجود محرم مخالفة دستورية مرتبطة بالنظرة المتخلفة تجاه المراة.

واشار البريسم الى ان تلك التعليمات تعتبر مخالفة لاتفاقية “سيداو” التي تنص على منع التمييز ضد المرأة والعراق احد الدول الموقعة على الاتفاقية ,كما ان الحماية القانونية لا يجب ان تحارب المرأة بل توفر لها البيئة الآمنة عند سفرها لحمايتها من ضعاف النفوس.

معالجات اصلاحية

رغم التغير المجتمعي التدريجي الذي نشهده من حيث المستوى التعليمي بالنسبة للنساء وانخراط الكثير منهن في مجالات عمل متقدمة  في ريادة الأعمال والجوانب الاقتصادية الاخرى ،الا ان النظرة القاصرة المجحفة تجاه النساء مازالت متجذرة  لدى الكثير من افراد المجتمع الذين يفسرون حرية المرأة انحلال وان اقامتها لوحدها في الفندق ولو كان للضرورة ولساعات قليلة فهي جريمة غير اخلاقية تستوجب العقاب ،لذلك فان الكثير من النساء يتعرضن للضرر النفسي والتعب الجسدي والمخاطر احيانا عند السفر  لغرض الدراسة او العمل او غير ذلك, كما تعتقد الناشطة سالي عبد الفتاح.

و ترى عبد الفتاح ان اعادة النظر بهذه التعليمات وباقي النصوص القانونية المقيدة لحرية المرأة اصبحت ضرورة  توجب  على الناشطات النسويات والمنظمات غير الحكومية العمل مع الجهة التشريعية لغرض تعديلها او الغائها .

من جانبها تقول انتصار ناصر, من منظمة لوتس النسوية: ان تعليمات السياحة اصبحت عائق امام المرأة وخاصة العاملة لذلك يجب استبدالها بضوابط اخرى من شأنها توفير الامن لنزلاء الفنادق كما يجب صياغتها بطريقة تحمي المرأة بعيدا عن اسلوب الالتفاف على القانون الذي يكرس الفساد ويشكل عبئا على النساء، مع ضرورة اتخاذ التدابير الامنية في الفنادق او ان تكون تحت اشراف ورعاية الحكومة .

 

زر الذهاب إلى الأعلى