ما نشاهده اليوم في إقليم كردستان هو ان الرجال يسيطرون على الأسواق والأعمال، إلا أن هناك عددا كبيرا من النساء اتجهن خلال الفترة الماضية الى الأعمال بكثافة وذلك في قطاعات التجارة المختلفة.
تعمل منظمة “جمعية سيدات الأعمال” في مدينة اربيل على تقديم تسهيلات للنساء اللاتي يرغبن في الانخراط في عالم الأعمال وقد بلغ عدد أعضائها حتى الآن (63) عضوا يعملن في التجارة والأعمال.
وقالت تريسكه اسعدي رئيسة الجمعية انهم منحوا رخصة العمل من قبل وزارة الداخلية في عام 2012 وان مشاركة نساء اقليم كردستان في الاسواق والتجارة شملت جميع المجالات وان للنساء حصة في جميع القطاعات الاقتصادية ولكن بنسبة اقل بكثير من الرجال.
ومن القطاعات التي تساهم فيها النساء الاستثمار والبناء والمقاولات وخدمات المؤسسات الحكومية والعامة ومراكز تجميل السيدات وهذه الأخيرة بلغت نسبة مرتفعة.
وأضافت تريسكه لـ”نقاش”: انه “لا يوجد في اقليم كردستان معوق قانوني أمام النساء إذا رغبن في المشاركة في الاسواق والتجارة بشكل مباشر، ليس هذا فحسب، بل تقدم الحكومة تسهيلات إضافية للسيدات وذلك كتشجيع لهن للانخراط أكثر في القطاع الاقتصادي”.
اقتصاد اقليم كردستان شهد حتى عام 2013 نموا كبيرا، إذ تشير تصريحات مسؤولي هيئة الاستثمار المستقلة في الإقليم إلى أن حجم الاستثمارات وصل الى حوالي 36 مليار دولار ما يعتبر نموا مذهلا بالنسبة لإقليم في شمال العراق، الا أن هذا الاقتصاد النامي بدأ بالتراجع شيئا فشيئا في عام 2014 عندما احتل مسلحو داعش مدينة الموصل متوجهين نحو إقليم كردستان، ويعاني الإقليم الآن من ازمة اقتصادية شديدة.
واوضحت رئيسة جمعية سيدات الأعمال ان الأزمة الاقتصادية التي يشهدها الإقليم منذ ثلاثة أعوام أثرت في مشاركة النساء في الاسواق والتجارة، ليس هذا فحسب وانما انسحبت “نساء كثيرات من اصحاب الاموال والأعمال من الأسواق”.
وانسحبت النساء من المشاريع التجارية الكبيرة الا ان أعدادهن في الاعمال الاعتيادية تزايدت ولاسيما في الاعمال التي لا تتطلب أموالا كثيرة.
في نهاية عام 2015 افتتح سوق كبير في مدينة اربيل يدعى “داون تاون” وكان من المقرر تخصيصه للنساء، وقد اشار القائمون عليه في البداية الى انه بإمكانه توفير فرص عمل لـ 20 الف فتاة وسيدة، وكان الهدف وراء افتتاح السوق هو تشجيع النساء من اجل المشاركة فيه بشكل مباشر ولكن هناك 26 سيدة فقط تعمل الان في السوق.
سمية رسول (23 سنة) تعمل في سوق القيصري في اربيل في محل لبيع الملابس النسائية الداخلية ومع كونها قد بدأت العمل منذ فترة قصيرة، الا انها تشعر بالارتياح في عملها كما تقول، اذ لاقت استقبالا طيبا من قبل الزبائن من النساء ما يدل على ان هناك فرص عمل للنساء اذا اردن المشاركة.
وقالت سمية لـ”نقاش”: حول ذلك “يبدو الارتياح على وجوه النساء اللاتي يترددن الينا مع وجود سيدة تعمل كبائعة في المحال، اذ ترغب النساء في التعامل مع النساء بدل الرجال عند شراء بعض المستلزمات النسائية وذلك بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية، الامر الذي يخلق فرصة كبيرة للفتيات والسيدات للمشاركة المباشرة في الاسواق”.
وكان احد مشاريع المجلس الاعلى للسيدات في كردستان التابع لمجلس وزراء الاقليم هو مساعدة نساء القرى ليصبحن اصحاب اقتصاد مستقل، ولكن المشروع أيضا وقع تحت تأثير الأزمة المالية في الإقليم.
وقالت بروين حسن عضو المجلس الأعلى للسيدات لـ”نقاش”: “كان لدينا مشروع لنساء القرى بالتعاون مع وزارة التخطيط وعدد من المنظمات الدولية، إلا أن الأزمة المالية كانت سببا في إهمال المشروع وتركه الآن”.
وكان للنساء الكرديات في كردستان العراق مشاركة اكبر في المجالات الادارية والسياسية مقارنة بالأسواق والاعمال، ويفيد احصاء لوزارة التخطيط في الاقليم في عام 2011 بان نسبة النساء بين موظفي الدولة كانت 40%.
وقد شاركت النساء في جميع دورات برلمان كردستان منذ تأسيسه في عام 1992، وقد تصاعدت هذه المشاركة، فمثلا كانت هناك ست سيدات ضمن الدورة الاولى ولكن الدورة الرابعة للبرلمان والتي تم انتخابها عام 2013، تضم (33) عضوا من النساء.
وقد تسلمت (12) سيدة منصب الوزير منذ تشكيل الكابينة الأولى لحكومة الاقليم وحتى الآن ونحن في ولاية الكابينة الثامنة، وعلى الرغم من وجود سيدة في الهيئة الرئاسية للبرلمان، الا انه لم يكن هناك تواجد لسيدة في رئاسة الحكومة ورئاسة الإقليم أبدا ما يعتبر في نظر نشطاء حقوق المرأة عيبا كبيرا في تجربة الحكم الكردية اذ لم تتمكن امرأة من الوصول الى المناصب العليا للحكم في اقليم كردستان خلال كل تلك السنوات.
م/ www.niqash.org