المنار /كوسار عثمان
شهدت مدن إقليم كردستان منذ العشرين من آذار (مارس) وحتى بداية نيسان (ابريل) تظاهرات ضد تأخر الرواتب ونظام الادخار، إلا أن دور النساء كان الفارق مقارنة بالتظاهرات التي كانت تنظم خلال الأعوام الأربعة الماضية.
واحتل مشهد الفيديو الذي سجلته ونشرته شايان كاكه صالح في تظاهرات الخامس والعشرين من آذار (مارس) في مدينة اربيل مواقع التواصل الاجتماعي سريعا عندما دعت عناصر القوات الأمنية للمشاركة في التظاهرات للمطالبة بصرف الرواتب.
ما فعلته هذه المرأة المتظاهرة كسر خوف النساء الأخريات من التظاهر ولاسيما وان الحادث وقع في العاصمة أربيل التي كانت المرة الأولى التي تشهد فيها مثل تلك التظاهرات.
ولم تكن هذه الصورة الوحيدة لمشاركة النساء في التظاهرات، فقد ملأت النساء ساحات التظاهر في مدن إقليم كردستان الأخرى أيضاً.
وعلى مدى تلك المدة كانت معظم المعلمات والموظفات يشاركن يوميا في التظاهرات أمام مقر محكمة السليمانية فيما كان بعضهن يجلبن أطفالهن وأحيانا أزواجهن معهن إلى النشاطات الاحتجاجية.
جيمن سليم (50 سنة) كانت إحدى المشاركات وقد ربطت يد طفلتها المصابة بالتوحد بطرف حبل فيما كانت تمسك بالطرف الآخر خوفا من فقدانها وسط زحام المتظاهرين، وقد شاركت دعما للمتظاهرين والمطالبة بعلاج طفلتها المريضة في آن واحد.
وقالت جيمن التي كانت ترفع يد طفلتها من حين لآخر ثم تقبلها لـ”نقاش”: حول ذلك “أطالب بحقوق طفلتي المهمشة، ليس هناك مركز متخصص لضم هؤلاء الأطفال، كيف يكفي راتب 90 ألف دينار طفلة كهذه؟”.
وكانت اكثر النساء المشاركات في التظاهرات والاعتصامات في حدود مدينة السليمانية لتأمين رواتب دون ادخار، هن من المعلمات.
إحصاء أنجزته للمديرية العامة للتربية في السليمانية اكد ان الإناث يشكلن أكثرية (24275) من مجموع المعلمين في المدينة الذي يبلغ (39750) معلما.
وقالت شيلان عمر وهي معلمة في إحدى مدارس السليمانية شاركت في التظاهرات لـ”نقاش”: “ربما لن يكون بمقدور الرجال المشاركة لانشغالهم بالعمل ومعيشة أسرهم وأطفالهم، أما نحن فنملأ الميدان بدلا عنهم”.
بعض المعلمات لم يشاركن في التظاهرات فحسب بل كن جزءا من هيئة تنظيم الاعتصامات أيضاً.
بيخال علي عضو مجلس المعلمين المحتجين ومنظمة التظاهرات استمرت في الإشراف على التظاهرات والمشاركة فيها رغم ما تعرضت لها من تهديدات كما تقول.
بيخال قالت لـ”نقاش”: انه “إذا قسمنا المتظاهرين الى ثلاثة اقسام فان النساء يشكلن قسمين منها، وذلك لكون النساء يمتلكن إرادة ويطالبن بحقوقهن كنساء ولا يعتمدن على الرجال ليحصلوا لهن على حقوقهن”.
ولونت النساء صورة التظاهرات وقد رفعن سقف مطالبهن من صرف الرواتب إلى تغيير السلطة السياسية وكانت هذه هي المرة الأولى خلال الأعوام الاربعة الماضية التي تتناول فيها النساء موضوعا كهذا، كما ان مشاركة النساء شملت حتى اللاتي ليس لديهن رواتب وكان تواجدهن لدعم النساء الأخريات.
ناهدة حمه سعيد (76 سنة) التي كانت تعتمر غطاءً خاصا بالزي النسائي الكردي، كانت تجلس على كرسي وسط المتظاهرين بسب عمرها.
قالت ناهدة لـ”نقاش”: “ليس لدي اية وظيفة في الحكومة، الا انني جئت أطالب بحقوق بناتي والبنائي”.
كما كانت كيزان كامران (25 سنة) تردد شعارات المتظاهرين المطالبة بالرواتب دون ان تكون موظفة، وقالت لـ”نقاش”: حول ذلك “شاركت في التظاهرات دعما لزوجي وهو معلم، كما أتيت الى هنا للمطالبة بحقوقي وحقوق أطفالي”.
يبدو ان صعوبة مهمة النساء في اقليم كردستان لتأمين المعيشة أجبرتهن على المشاركة في مثل تلك التظاهرات والاضطلاع فيها بدور بارز في حين كانت النساء يظهرن في الأمور المتعلقة بحرية المرأة في السابق.
وقالت كزال هادي رئيسة لجنة الدفاع عن حقوق المرأة في برلمان كردستان لـ”نقاش”: ان “النساء هم اولى المتضررات في كل الظروف غير المواتية ويلحق بهن اكبر ضرر معنوي، ففضلا عن كونهن موظفات فهن ربات بيوت أيضا ويشعرن بالمعاناة أكثر”.
وتتغير مطالب النساء في إقليم كردستان حسب الظروف، إذ كانت حرية المرأة ومنع الظواهر الاجتماعية التي تضر النساء تدفعهن الى الشارع في السابق، اما الآن فقد اتحدت مطالبهن مع مطالب الرجال لأول مرة.
وقالت أمل جلال العضو الفاعل في المجلس الاعلى لشؤون المرأة في اقليم كردستان الذي شكلته حكومة الاقليم ويرتبط مباشرة بمجلس الوزراء، قالت لـ”نقاش”: حول اهداف التظاهرات ان “كل تظاهرة تهدف لتأمين الحقوق تتغير حسب الارضية والظروف، وفي التظاهرات الاخيرة كانت النساء يطالبن بحقوقهن بشكل مختلف عن التظاهرات السابقة لاسيما ان الأمر يتعلق بلقمة العيش وهي من الحقوق الأساسية التي تحتاج إليها المرأة سواء كأم او مربية أو إنسانة”.