أعلنت شبكة “إي بي سي” مؤخرًا أنّها تمكّنت من تحقيق إنجاز بارز، كانت تسعى للوصول إليه منذ أكثر من عامين، إذ استطاعت إجراء تغطية إخباريّة متساوية بين النساء والرجال.
وتعدّ هذه المسألة رئيسية، لا سيما وأنّ عددًا من الدراسات التي أجريت حول التغطيات الإخبارية في العالم خلصت إلى أنّ أكثر من 70% من الأشخاص الذين شوهدوا في تقارير إخبارية، أو نقلت مؤسسات إخبارية آراءهم أو تمّ الإستماع إليهم، كانوا من الرجال، فيما شكّلت النساء أقل من 30%. كما شكّل الرجال 80% من المصادر الموثوقة أو الخبراء الذين يُستعان بهم في التغطيات الإخبارية.
وبسبب هذا الخلل في التوازن والتمثيل، أطلقت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مشروعًا خاصًا بالمساواة بالمناصفة بين الجنسين، وذلك في العام 2017، وفي ديسمبر/كانون الأول حذت شبكة “إي بي سي” حذو “بي بي سي”، وتبعتها مؤسسات إعلامية أخرى مثل بلومبيرج عبر إطلاق مبادرات مماثلة.
وعلى الرغم من إطلاق هذه المبادرات والبرامج المشجعة، إلا أنّ مشروع رصد الإعلام العالمي، الذي يعمل على تحليل مصادر محتوى الأخبار حول العالم، في يوم محدد كل خمس سنوات، خلص إلى أنّ التقدم في الإستعانة بأصوات النساء في التغطيات الإخبارية لا يزال “بطيئًا جدًا”.
وما ورد سابقًا يوضح أنّ التغطيات الإخبارية تميل إلى أن تكون متمحورة حول الرجال، في وقتٍ تُحرم النساء من الشرعية والسلطة والمكانة. وهذا ما دفع كاتبة هذا المقال، وهي الصحفية والباحثة الإخبارية كاثرين شاين إلى البحث حول أسباب التراجع في تمثيل النساء في الأخبار، متسائلةً إن كان السبب يعود إلى ابتعاد بعض النساء عن المقابلات الإخبارية وإحجامهنّ عن اعتبارهنّ مصادر إخبارية، أم لأن الصحفيين يلجأون إلى المصادر نفسها في كلّ مرة، وتكون معظم هذه المصادر من الرجال؟
وأشارت الكاتبة إلى أنّ بحثها الذي قابلت فيه 30 سيدة لديهنّ خبرات أكاديميّة للوقوف عند آرائهنّ حول المشاركة والتفاعل مع التغطيات الإخباريّة، بيّن أنّ الإجابة الثانية هي الأكثر ترجيحًا وأنّ الصحفيين يلجأون إلى الخبراء نفسهم في كلّ مرّة، حيث أفادت الخبيرات باستثناء واحدة أنهنّ مستعدات للحديث في مقابلات من أجل التقارير الإخبارية. ولفتت السيدات إلى أنّهن يقدّرن أن تصل أعمالهنّ إلى المجتمع من خلال الأخبار.
وتابعت الباحثة أنّه على الرغم من رغبة النساء بالمشاركة عبر الإدلاء بآرائهنّ وخبراتهنّ في التغطيات الإخبارية، إلا أنّها لاحظت عدم وجود ارتياح تامّ لديهنّ ونقصًا في الثقة أيضًا، بسبب خشيتهنّ من أدائهن وبسبب عدم إداركهنّ لكيفيّة عمل وسائل الإعلام وما يريده الصحفيون منهنّ.
بعد كلّ ما تقدّم، تساءلت الباحثة كيف يمكن للصحفيين أن يستجيبوا لمخاوف الخبيرات والحصول على موافقتهنّ في الحديث، وفي المقابل كيف يمكن أن تُحسّن المصادر تفاعلها مع الصحفيين وأن تستفيد من تجاربها مع وسائل الإعلام، ثمّ قدّمت بعض النصائح التي يمكن أن تساعد الصحفيين في عملهم الإخباريّ وتُحسّن من مستوى تمثيل النساء.
إرشادات للصحفيين
الوضوح أمرٌ أساسيّ: على الصحفيين أن يشرحوا للمصادر “الخبيرة” ما يريدون معرفته وأن يوضحوا طبيعة المقابلة والوقت المطلوب لإنجازها، لا سيما وأنّ الخبيرات لا يكون لديهنّ عادةً معرفة كبيرة في كيفية العمل الصحفي.
حدّد قضية: تودّ الخبيرات مشاهدة أعمالهنّ وأبحاثهنّ قد وصلت إلى الناس وأن تؤثر بهم، وهنا تلعب وسائل الإعلام دورًا حاسمًا، ويمكن للصحفيين أن يوضحوا للمصادر أهميّة ترويج الأعمال والأبحاث العلميّة والأكاديمية من خلال التغطية الإخبارية.
إقرأوا أيضًا: نقاط أساسيّة لتحسين تمثيل النساء في الأخبار
الإستعداد للتفاوض: بحال وجود بعض المرونة بشأن زمان ومكان المقابلة، على الصحفي أن يبقى مستعدًا لمناقشة هذا الأمر مع المصدر، ومحاولة التوصل إلى اتفاق زمني ومكاني يناسبهما. قد يحتاج المصدر أحيانًا إلى 10 دقائق فقط للتحضير للمقابلة.
احترام المصدر والإلتزام بالوقت: يُرجّح أن توافق المصادر على إجراء مقابلة عندما تجد أنّ لدى الصحفي بعض المعرفة بالأبحاث العلميّة وخبرة هذه المصادر. وعلى الصحفيين احترام المصادر والإلتزام بالوقت المحدّد والمواعيد، لأنّ الخبراء عادةً ما يفتقرون للوقت، مثل الصحفيين.
إعطاء الرأي: يُمكن أن يعطي الصحفيون آراءهم وردات فعلهم أثناء المقابلة وبعدها. وتقول كاتبة هذا المقال إنّ جميع الخبيرات اللواتي قابلتهنّ أردن معرفة كيف كان تقييم أدائهنّ في المقابلات وما هي الطرق التي تُساعدهنّ على التحسّن.
نصائح للمصادر
الموافقة المشروطة: يُمكن أن توافق الخبيرات على إجراء المقابلة، لكن مع فرض بعض الشروط، مثلا، يمكن للخبيرة أن تقول: “يمكنني إجراء المقابلة ولكنني أحتاج إلى 30 دقيقة لكي أكون مستعدةً”، أو “يمكنني إجراء المقابلة، لكنني غير مستعدّة للحديث عن هذا الموضوع أو هذه القضيّة.”
طرح الأسئلة: ليس على الخبيرة أن تدع الصحفي يطرح جميع الأسئلة، فبحال كانت الخبيرة لا تعرف ما يريده الصحفي منها، يُمكنها حينها المبادرة بالسؤال.
إقرأوا أيضًا: دراسة حول النقص في تمثيل النساء بالأخبار بظلّ “كوفيد 19”
عدم إضاعة الوقت في الإستعداد: عادةً ما تكون المقابلات مختصرة وتستغرق 10 دقائق فقط أحيانًا، لهذا يجدر بالخبيرة عدم إضاعة الوقت في التحضير والتفكير، وأن تثق بخبراتها ومعرفتها.
الإستراحة والتعلّم من الخطأ: على الخبيرة الإستماع للمقابلات التي أجرتها والتركيز لاكتشاف مدى التحسّن الملموس، ومعرفة أنّ الطريق كي تُصبح الخبيرة معلّقة جيدة في وسائل الإعلام يستغرق وقتًا ويحتاج للممارسة.
المحافظة على طبيعتك: على المصادر الخبيرة أن تبقى هادئة وأن تُظهر شخصيتها وشغفها بالعمل الذي تقوم به، لا سيما خلال المقابلات الإذاعية والتلفزيونية.
المصدر/شبكة الصحفيين الدوليين