المنار نيوز/الديوانية /تحسين الزركاني
اعلن وزير السياحة والآثار، لواء سميسم، على هامش لقائه بمحافظ الديوانية، عمار المدني، إن “الوزارة تسعى لبناء متحف يسهم في تطوير اقتصاد المحافظة وجذب السياح إليها من داخل العراق وخارجه”، مشيراً إلى أن “المتحف سيضم القطع واللقى الأثرية المكتشفة بالديوانية”.
وأضاف سميسم، أن “الاجتماع مع المحافظة تناول سبل التعاون بين الوزارة وإدارة المحافظة، وخطط تطوير المواقع الاثارية والسياحية في الديوانية”، عاداً أن “تنشيط السياحة في المحافظة التي تتمتع بأجواء آمنة وتضم مئات المواقع المكتشفة وغير المكتشفة سيكون كفيلاً بتنشيط واقع السياحة والآثار فيها”.
ووجه الوزير “بتذليل الصعوبات والعقبات التي تعترض تطوير العمل للنهوض بقطاع السياحة والآثار، من خلال بذل منتسبي الوزارة المزيد من الجهود للنهوض بهذا القطاع الحيوي الذي يحمل تاريخ وارث العراقيين وهويتهم وامتدادهم”.
من جانبه قال محافظ الديوانية، عمار المدني ، إن “اللقاء بحث مشاريع وزارة السياحة والآثار في المحافظة، التي تضم الكثير من المناطق الأثرية والتراثية، ومنها نفر التي تعتبر موقعاً عالمياً، بنحو يتيح الاستفادة منها والتعريف بها على أوسع نطاق لتكون محطة جذب وترفيه، تسهم في تحريك العجلة الاقتصادية في المحافظة”.
وأوضح المدني، أن “إدارة المحافظة تعمل على إعلان نفر منطقة أثرية عالمية”، مؤكداً أن “الوزارات المعنية مسحت أكثر من ألف موقع في المحافظة”، لافتاً إلى أن “وزارة السياحة والآثار تعمل على إعلان مبنى محافظة الديوانية القديم، موقع تراثي وأثري لاستقطاب السياح من مختلف أنحاء البلاد والعالم”.
ودعا المحافظ، الحكومة الاتحادية إلى “تحقيق مطلب المحافظة بإعلانها موقعاً أثرياً على مستوى العراق لما تمتلكه من مقومات تاريخية وتراثية مهمة”.
ومن المدن الأثرية في محافظة الديوانية، مدينة نفر واسمها القديم (نيبور)، تبعد نحو (عشرة كلم)، من قضاء عفك (وخمسة وثلاثين كلم شمال شرقي الديوانية)، وكان مجرى الفرات القديم يشطر المدينة إلى شطرين وما يزال “عقيقه” باديا حتى يومنا، ولم تكن نفر عاصمة سياسية لدولة من الدول السومرية أو البابلية، بل كانت من “أعظم” المدن المقدسة في العهود التاريخية المتلاحقة فهي مقر الإله (انليل) سيد الهواء والأجواء.
وقد اكتسبت نفر منذ الألف الثالث ق.م، مكانة كبيرة حتى أن من شروط الحصول على الملوكية في العهد السومري، أن تكون نفر من جملة ممتلكات الملك لان اله المدينة هو من يمنح لقب الملوكية، لقد كانت طيلة تاريخها تابعة للملوك الأقوياء اللذين تولوا الحكم في أوروك وأور وبابل ونينوى، وكان الملوك يتنافسون في تقديم القرابين والهدايا إرضاء للإله.
واهتم القدماء بتشييد معبده المسمى (اي _ كور) اي بيت الجبل العلوي، ومازالت طبقاته شاخصة حتى يومنا، وخضعت المدينة على التوالي لسلطة السومريين فالاكديين فالبابليين فالكيشيين ثم الاشوريين، وقد عثر في مختلف حارات المدينة على ما يشير إلى أسماء ملوك الدول، واستمر الاستيطان في المدينة حتى مطلع العصر الميلادي، حيث غير نهر الفرات مجراه فهجرها سكناها تدريجيا، وتحولت إلى قرية صغيرة، اهمم معالمها “الزقورة”، ومعبد ايكو، الذي يتكون من كتلة صلدة من اللبن المغلف بالأجر، يمثل برجا مدرجا مربع القاعدة وترتفع بقاياه حاليا حوالي 15م، وكان سابقا يتألف من مصطبة أو عدة مصاطب يعلوها معبد صغير يرتقى إليه بواسطة ثلاثة سلالم، مازالت آثارها شاخصة في الضلع الجنوبي الشرقي من البرج.
وكان ينتصب في المعبد تمثال الإله (انليل) ولعله كان من الذهب وكانت حفلات رأس السنة تقام عادة في هذا المعبد، إلا أن لم يبقى من بناءه شيء، وقد شيدت زقورة الملك اورنمو، حاكم مدينة أور ومؤسس السلالة الثالثة فيها نحو عام 2050ق.م، ثم رممها وجددها من جاء بعده، حتى العهد الفرثي قبل الميلاد، ويقع المعبد الرئيس بموازاة الضلع الشمالي للبرج، وتحت الأسس أبراج مدخل معبد (ان انا)، وتم العثور على تماثيل الملك “شولكي”، السبعة في صناديق من الأجر، كما عثر على صندوقين تحت أبراج مداخل ساحة المعبد، يتضمنان تمثالين من البرونز ارتفاعهما (33سم)، يمثلان الملك اورنمو، ويرى الملك في التمثال وهو يحمل سلة التراب على رأسه ليضع الحجر الأساسي لبناء المعبد، ومن المعابد المهمة الاخرى معبد الاله (ان انا) سيدة الحب والحرب والتي عرفت في العهد البابلي وما بعده باسم عشتار.