رأي نسوي خارج السربقصص وتقارير

لماذا فشلت أغلب الاحزاب الناشئة في العراق ؟

د.منار الزبيدي

بحسب استطلاع رأي شعبي افضى  الى حقيقة مفادها “فشل أغلب الاحزاب السياسية المسقلة الناشئة في العراق” والفشل لا يعني الفساد،، كما هو  الحال مع اغلب الاحزاب التقليدية التي حكمت العراق بعد العام 2003 وهو اتهام موجه ضدها من اغلب المواطنين العراقيين رغم انخراط جزء كبير منهم  في تشكيلات القواعد الجماهيرية لتلك الأحزاب، ولست بصدد اثبات او نفي تلك التهم  الموجه للفئتين اعلاه،بقدر ما أحاول من خلال هذه المساحة ان اتحدث عن رأيي الشخصي حول اسباب فشل الاحزاب الناشئة في تحقيق أهدافها، ويمكن تصنيف الاسباب الى نوعين”داخلية وخارجية”.

اما الاسباب الداخلية،فيمكن القول بانها اسباب تتعلق بالتنظيم الحزبي والهيكلية والسياسات العامة ويمكن الاشارة لها بنقاط عدة،ابرزها:

-ضعف الخبرة والتنظيم الحزبي بسبب  نقص الخبرة السياسية والإدارية، وضعف التنظيم الداخلي.
– التشتت والانقسام،حيث تعاني هذه الأحزاب من الانقسامات الداخلية والصراعات على القيادة، مما يضعف قوتها ويقلل من تأثيرها،اضف الى ذلك غلبة المصالح الشخصية للافراد على مصلحة الحزب والمصلحة العامة .
-نقص التمويل وهو عامل يلعب دور كبير في ديمومتها،حيث تعتمد هذه الأحزاب بشكل كبير على التمويل الذاتي، مما يجعلها غير قادرة على المنافسة مع الأحزاب التقليدية التي تتلقى دعماً مالياً كبيراً من مصادر مختلفة.

– عدم وجود قيادة واعية ورؤية واضحة الأهداف او استقطاب شخصيات لها تجارب حزبية او سياسية مع بعض الاحزاب التقليدية المتهمة بالفساد او الفشل ،او تسيد قيادات متهمة بشبهات فساد  مالي او لديها سمعة غير حسنة في في الاوساط الاجتماعية .

-الافتقار للخبرة في إدارة الصراعات السياسية والتحالفات، او التحالف مع شخصيات يعتبرها الشعب مخلفات للاحزاب التقليدية او شخصيات منسلخة من احزاب متهمة بالفساد او الفشل او التحالف من الباطن مع احزاب تقليدية ممقوتة.

-عدم وجود خطة استراتيجية لبناء قاعدة جماهيرية واسعة وتكتفي في الغالب بسلوك ذلك الطريق الذي تسلكه الاحزاب التقليدية في اعتمادها على قواعد ثابتة،فالاحزاب الناشئة او الجديدة تعتمد على نموذ1ج محدد من جمهور “النخبوية” وتتجاهل جمهور “الشعوبية” بداعي انه جمهور احزاب تقليدية ولايمكن احتراقه ،وهذه صورة نمطية صنعتها التقليدية ونجحت بتسويقها.

– استغلال الاحزاب الناشئة كاداة لتحقيق مطامع  شخصية  من قبل بعض الشخصيات التي تسعى  للحصول على مناصب أو امتيازات، وتتخذ من هذه الاحزاب غطاء للوصول الى السلطة وممارسة عمليات مشبوهة.

-عدم وجود تخطيط مهني واعي طويل الامد للمضي في المشاركة السياسية،حيث ان بعض الاحزاب الناشئة عندما تفشل في تجربة انتخابية تنسحب وتختفي ،بسبب غياب التخطيط لما بعد الانتخابات،وبدلاً من اعادة نفسها وتقييم نقاط ضعفها فانها تترك الساحة وتتخلي عن جمهورها وهذا يعتبر من الاخطاء الشائعة لعدد كبير من الاحزاب والحركات السياسية.

وبالنسبة للعوامل الخارجية فقد تعود لهيمنة الأحزاب التقليدية على المشهد السياسي العراقي، ونفوذها الكبير على  مؤسسات الدولة بالاضافة الى قواعدها الحزبية ونفوذها المالي ،بالاضافة الى اسباب تتعلق بالقانون الانتخابي الذي يفصل في العادة  بحسب ما يخدم الاحزاب التقليدية القديمة،كما هو الحال الان حيث تسعى تلك الاحزاب الى التعديل الثالث لقانون الانتخابات في العراق ربما تنجح في مسعاها.
كما يعتبر  الفساد من  أكبر التحديات التي تواجه العراق، ويؤثر سلباً على فرص نجاح الأحزاب المستقلة الناشئة بالإضافة إلى  النظام السياسي القائم في العراق و الذي يعتمد على المحاصصة الطائفية والعرقية حيث يتم توزيع المناصب الحكومية على أساس الانتماء الطائفي والعرقي، وليس على أساس الكفاءة والجدارة وهذا ما وصفته احدى النائبات ب “تقسيم الكعكة”.

ومع كل تلك الاسباب المشار اليها اعلاه توجد اسباب اخرى ربما غاب ذكرها، ولكي نساهم في خلق تجربة حزبية جديدة علينا اولا مراجعة التجارب الفاشلة والناجحة ايضا ولو كانت من بلدان اخرى لغرض فهم جذور المشكلة واسبابها ووضع الحلول الواقعية المنطقية والابتعاد عن اساليب الاحزاب التقليدية و”العميقة” في التعامل مع افراد الحزب من المستقلين وان يكون الهدف وطنياً شعبياً لا تشوبه شائبة المصالح الشخصية الغامضة او الاستغلال الجماهيري بشعارات وطنية مع وضع هيكلية واضحة ونظام داخلي رصين وتوزيع عادل للادوار والفرض والاهم هو الابتعاد عن مغازلة مخلفات العملية السياسية سواء كانت احزاب او افراد .

زر الذهاب إلى الأعلى