قصص وتقارير

أُُمهات يؤخرن الانجاب لبناء اسرة مستقرة

خلود العامري

انتظار سلوى محمد (29 سنة) لتصبح أماً، إذ مرّت ستة أعوام على زواجها فقدت خلالها طفلين في حملين غير مستقرين، قررت بعدها أن تبتعد عن فكرة الإنجاب. لكن القدر الذي حرمها من الأمومة سنوات عاد ليمنحها الحظ ويرزقها طفلاً.

حين تزوّجت سلوى ورامي لم تفكّر في الإنجاب في العام الأول، وفق نصيحة صديقاتها اللاتي تزوّجن قبلها، إذ فكرت أن الإنجاب قد يربك حياتها مع زوجها. وبدأت تعمل على نسج علاقة زواج متينة ارتقت إلى صداقة عميقة دعمتها في محنة عدم الإنجاب.

تقول الأم الفَرِحة بإنجابها الذي تم قبل شهرين، إنها لم تندم على مرور الوقت قبل حملها ووضعها على رغم لهفتها على الأطفال. فالسنوات التي قضتها مع زوجها بمفردهما أسهمت في شكل كبير في تطوير علاقتهما وتمتينها، حتى أن زوجها رفض مرات اقتراحات بعض أفراد عائلته بالزواج مرة أخرى. وتضيف: «ساعدني تأخّر الإنجاب في تكوين حياة أسرية رائعة يسودها الاحترام والتفاهم. وكأن القدر أراد لنا ذلك قبل أن ننجب».

حين تقارن سلوى بين حياتها وحياة شقيقتيها وشقيقة زوجها اللاتي أنجبن بعد الزواج مباشرة، تجد أنها كانت محظوظة. فعلى رغم إنجابهن المبكر قبل مضي سنة واحدة على زواجهن، لم يقدّم الأطفال لحياتهن شيئاً سوى أنهن أصبحن أمهات لأنهن غرقن في هموم المسؤولية، ما جعل علاقتهن بأزواجهن تقليدية مقارنة مع علاقتها مع زوجها.

ميس خالد (36 سنة) رُزقت بأطفالها الثلاثة التوأم بعد أكثر من 10 أعوام من الزواج، يئست خلالها من الإنجاب وقررت أن تنسى الأمر وأن تخطب لزوجها إحدى قريباتها، لكن رفضه ذلك جعلها تحاول مرة أخيرة العلاج في أحد المستشفيات المعروفة. تقول ميس كنا نتمنى أن نرزق بطفل واحد بعد عشر سنوات من الزواج المتين والحب المستمر، لكن الأمر فاق طموحنا واكتشف الأطباء حملي بثلاثة أطفال (ولدان وبنت) بعد شهور من الحمل. وتتابع: «بلغوا عامين، وحين أراهم يشاكسون أتذكر سنوات الحرمان فأبتسم في سرّي، وأقول هذا ما أردته وعلي أن أتحمّل مشاغباتهم، إذ يحتاج وجود ثلاثة أطفال من السن ذاتها في بيت واحد إلى الكثير من الصبر والتعاون، ولولا مساعدة زوجي لي لما تمكّنت من تربيتهم».

كثيرات ينجبن بعد سنوات من الزواج، وأحياناً حين يتسلل اليأس إلى قلوبهن يجدن أطفالاً بين أيديهن في شكل مفاجئ. لكن معظم الأمهات اللواتي يتأخرن في الإنجاب لأي سبب كان، يركّزن على بناء حياة مستقرة مع الشريك أكثر من اللواتي ينجبن باكراً وينشغلن في تربية الأطفال.

تقول ريام أحمد (28 سنة) إن الأطفال «يسرقون حياتنا في شكل سريع. فلا نشعر بمرورها ولا نفتح أعيننا على الواقع إلا حين يذهبون بعيداً منا بعد سنوات طويلة. فيجد الأزواج أنفسهم أمام بعضهم بعضاً لكن بشخصيات مختلفة تماماً.

تزوّجت ريام قبل عامين، وتنتظر وضع طفلها الأول بعد ثلاثة أشهر. وتوضح أنها قررت ألا تنجب فوراً، وأن تخصص العامين الأولين لتُرسي زواجها وتعزز العلاقة مع شريكها الذي ارتبطت به بعد قصة حب واجهت صعوبات كثيرة.

وعلى النقيض مما تراه بعض النساء في أن الأطفال يعززون الرابطة الزوجية، تقول ريام إنهم «يستحوذون على اهتمام الأم، على غرار ما حدث مع والدتي التي كرّست حياتها لنا منذ العام الأول لزواجها، وها نحن تركناها وحيدة مع والدي. لذلك قررت ألا أستعجل الإنجاب».

زر الذهاب إلى الأعلى