قصص وتقارير

اكثر من 800 طالبة انقطعت عن التعليم في محافظة الديوانية !

ابنتي اقبال (13 عاما) كانت ذكية جدا ومتفوقة خلال مرحلة الابتدائية، فقد كانت دائما الاولى على دفعتها وكانت تريد ان تصبح طبيبة اسنان. ولكن ما ان نجحت من السادس الابتدائي، ورغم معدلها العالي، رفض والدها ان تلتحق بالثانوية الوحيدة التي تجمع طلاب خمس قرى في الناحية، بسبب دوامها المختلط (ذكور واناث) “، توضح أم اقبال.

اقبال هي واحدة من مئات الفتيات التي تم منعهن من اكمال دراستهن الثانوية في محافظة الديوانية (180 كم) جنوب بغداد، نتيجة الاعراف العشائرية، واهمال الجهات الرسمية للتصدي لظاهرة تسرب الفتيات من المدارس

ارتفاع في نسب التسرب من المدارس

وتشهد هذه المحافظة ارتفاعا ملحوظا في اعداد الفتيات المتسربات من التعليم الثانوي، حيث سجلت  مديرية تربية الديوانية خلال السنوات الاخيرة  حصيلة تقريبية بلغت اكثر من  800 فتاة على مجموع 35101 بنت مسجلة في المدارس. ومعظمهن في المناطق الريفية والنائية،  كما يؤكد ذلك مدير عام تربية الديوانية عقيل الجبوري.

وأشار الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط  أن معدل الالتحاق في التعليم الثانوي لمحافظة الديوانية لعام 2011 بلغ 36,6بالمائة من الفتيات التحقن بالتعليم الثانوي، فيما التحق 50,4 بالمائة من الذكور من مجموع 84255 طالب، وتعود الاسباب الرئيسية للانقطاع المبكر عن التعليم، حسب بيانات الوزارة،  إلى عدم وجود مدرسة في المنطقة، بالاضافة الى أسباب اجتماعية، خاصة الفقر الذي يجبر الاولياء على تشغيل ابنائهم وبناتهم.

الاختلاط بين الجنسين اهم اسباب انقطاع

يبين الجبوري أن عدة عوامل أدت الى تفاقم تسرب الفتيات من التعليم الثانوي أبرزها  نقص الابنية المدرسية والدوام المختلط (ذكور واناث) وبعد المدارس عن مناطق سكناهن، خاصة أمام عدم قدرة الدولة على توفير القدر الكافي من الابنية المدرسية بسبب التراجع في انجاز مشاريع التربية، نتيجة لقلة التخصيصات المالية.

ويوضح الجبوري ان مديرية التربية عمدت الى وضع حلول مؤقتة لمعالجة نقص الابنية المدرسية من خلال فتح ثانويات مختلطة في تلك المناطق الريفية وشطر المدارس الاخرى.

ويذكر ان عدد المدارس الثانوية في عموم المحافظة هي 35 للذكور  و 21 للاناث و21 مختلطة.

إلا ان العديد من أهالي الفتيات، لم يسمحوا بالتحاق بناتهم بالمدارس او اكمال دراستهن، بسبب الاعراف العشائرية التي تفرض وبشدة اختلاط الذكور والاناث في مرحلة البلوغ.

يقول مدير احدى الثانويات في الريف (رفض الكشف عن اسمه) “ان الكثير من الفتيات اللواتي

كن يدرسن في التعليم الثانوي أجبرن على ترك مقاعد الدراسة لأن اسرهن لا تقبل بالاختلاط.

أما ما تبقى منهن في مقاعد الدراسة، فإنهن يعانين من التضييق الشديد عليهن، فهن ممنوعات، من قبل اهاليهن، من دخول الحمامات او الخروج الى ساحة المدرسة في وقت الاستراحة، بل أنهن يعزلن انفسهن في أحد الصفوف الى حين انتهاء مدة الاستراحة بداعي الخوف من وقوع أي اختلاط قد  يؤدي الى ارتكاب الخطيئة

يقول أبو مصطفى، احد اولياء الامور أن “الكثير من الفتيات في قرانا حرمن من التعليم  الثانوي بسبب الفقر وعدم توفر المال الكافي عند اغلب العوائل، كما ان بعد المسافة بين السكن  والمدرسة  يتطلب توفير وسائل النقل التي بدورها تستوجب توفير  المال وكذلك الحال بالنسبة للمتطلبات المدرسية الاخرى، مما اجبر الكثير من الاسر الريفية على منع الفتيات من الذهاب الى المدرسة وتزويجهن في عمر صغير او اجبارهن على القيام بالاعمال المتعلقة بالزراعة ورعاية الحيوانات”.

الانعكاسات على وضع المرأة الريفية

ينعكس الانقطاع عن الدراسة بشكل سلبي على وضع المراة الريفية، فالانقطاع عن التعليم يجعلها عرضة للعنف ولانتهاك حقوقها،” لكن اذا توفرت لها فرصة اكمال دراستها، فستزداد ثقتها في نفسها وتتطور طاقاتها الابداعية، لأن الدراسة تعتبر بالنسبة لها منفذا لتحقيق الذات وإلى تمكينها اجتماعيا”، كما توضح الباحثة الاجتماعية والتربوية ابتسام نعمة.

من جهتها، انتقدت الناشطة في مجال حقوق المراة، دعاء عبد الامير سياسية مديرية تربية الديوانية  التي وصفتها “بالضعيفة”، بسبب عدم اتخاذ القرارات التي من شانها دعم التعليم، حيث ان اغلب اهالي الفتيات في القرى والأرياف ناشدو التربية بفتح مدارس ثانوية مسائية  لبناتهم في المدارس الابتدائية القريبة من مجموعة قرى، لكن  مديرية التربية لم تبد أي تعاون مع الاهالي بحجة نقص الكوادر. في حين، ان الكثير من مدراس مركز المحافظة تعاني من  تضخم كبير في كوادرها، على عكس مدارس الاطراف والارياف التي تشكو نقصا في الكوادر التدريسية.

من جانب آخر فإن السلطات لا تلتزم بتطبيق القانون فيما يخص اجبارية التعليم.

يقول معاون مدير عام تربية الديوانية، سامي السماوي ان قانون التعليم الالزامي غير مفعل، رغم أن ان مدراء المدارس ملتزمون بتزويد مديرية التربية باعداد الطلبة المتلحقين بالمدراس والمتسربين منها ذكورا واناث “وبدورنا نقوم باعداد تقرير وارسالها الى اللجنة المختصة بالامر، الا انها لم تتخذ اي اجراء بهذا الصدد، بسبب عدم وجود عقوبات رادعة. و يضيف ان قانون التعليم الالزامي رقم 118 لسنة 1976، المادة -13،  يعاقب بغرامة لا تزيد عن مائة دينار،  او بالحبس لمدة لا تزيد عن شهر واحد، ولي الولد المتكفل فعلا بتربيته، اذا خالف أيا من احكام هذا القانون . لذلك يعتبر السماوي أنه لو عدلت هذه العقوبة “لانخفضت نسب التسرب بشكل كبير.”

م/عراقيات

 

زر الذهاب إلى الأعلى