قصص وتقارير

نساء مجاهدات يتحدنَّ المرض والمجتمع ليعشنَ بكرامة

المنار نيوز/الديوانية /منار الزبيدي

ام ياسر (40عام) لم يمنعها ضعف بصرها عن تحمل مسؤولية اسرتها المكونة من ستة افراد بينهم زوجها المصاب بعجز القلب وابنتين يدرسن في الجامعة واخرى في الثانوية وصغيرة تدرس في المرحلة الابتدائية فاضطرت للعمل في معمل محلي خاص بصناعة المنتجات الغذائية منذ 3 سنوات ورغم ان محصولها اليومي لايكفي الا انها تعتبره رضا وان ضعف بصرها ومواصلة بناتها التعليم انجاز كبير يدعوها للفخر والاعتزاز بنفسها وعملها ” ضعف بصري مدني بالقوة كي لا استعطي من الناس فكرامتي اكبر من اي شيء وطموحي ان اوصل بناتي الى اعلى المراتب العلمية ليفتخرن بي مستقلا وفي ذات الوقت انتصر على ضعف بصري”
وعلى الجانب الاخر من المعمل وجدت فتاة في مقتبل العمر مروج فاضل (24 عام ) تعمل في تغليف المنتجات الغذائية كانت حسنة المظهر وقد بان عليها انها مدير عام لا عاملة في معمل محلي , دونت منها قليلا لأحدثها فقالت “انا احمل شهادة البكالوريوس وقد تخرجت العام الماضي من كلية الادارة والاقتصاد/ علوم ادارة “ورغم ماتحمله من شهادة عالية الا انها لم تتعالى على الواقع و ظلت تبحث عن اي فرصة عمل تجدها ليس بسبب الحاجة الى المال بل رغبة منها في التعلم والاستفادة من مختلف التجارب ” انا من عائلة ذات مستوى معيشي جيد ولست بحاجة للمال ولكني اعمل هنا من اجل ان اثبت وجودي واستفد قدر الامكان من هذه التجربة وابني علاقات جيدة مع الاخرين لاصبح سيدة اعمال ناجحة وربما اسس لهكذا مشروع مستقبلا ليكون خاص بي ,فالعمل تجربة وفائدة وخبرة وليس مكسبا ماديا فقط ,وبذلك اتحدى المجتمع الذي يقيم الناس على اساس عملهم ” ودعت زملائها الخرجين بان لاينتظروا الدولة لان توفر لهم فرص عمل بل عليهم ان يتجهوا للقطاع الخاص وعلى الحكومة ان تدعمهم في مشاريعهم والا فلا باس بالعمل في معامل او شركات اهلية .
وفي احد زوايا المعمل وجدت فتاة شابة اسمها مروة كريم (18 عام) وقد تركت مقاعد الدراسة الثانوية بسبب الفقر والحاجة الى المال “تركت دراستي وانا في الخامس العلمي بعد ان استشهد والدي في انفجار بغداد ولم نحصل على اي مستحقات فنحن الان نسكن بالايجار مع والدتي واخوتي و بحاجة لدفع الايجار وشراء الطعام ” ولكن مروة لن تتخلى عن دراستها فقد وعدت مدير المعمل الذي رفض ان يشغلها لصغر سنها بانها ستكمل دراستها العام القادم وان تشتغل لتساعد اسرتها “بسبب صغر سني رفض مدير المعمل ان اشتغل عنده ونصحني بان اكمل دراستي وانه سيتحمل التكاليف لكني اصريت على العمل ووعدته بان اكمل دراستي العام القادم واوفق بين الاثنين لاتحدى الفقر ولا اجعله عائقا يدمر مستقبلي الدراسي ” وتؤكد مروة الى انها لن تطرق باب مسؤول او اي انسان اخر خوفا من تجريح كرامتها ” ساعتمد على نفسي واكمل طريقي وان كان شاقا فطعم الكرامة لايعوضه المال ”
معمل العطاء للمنتجات الغذائية الذي يشغل 32 عاملة تتراوح اعمارهن بين 25-30-63 عام من اصل المجموع الكلي للعاملين و البالغ 42 عامل يحصل العمال على اجور يومية تبلغ 10 -13 الف قابلة للزيادة بحسب تطور العمل يقول مدير المعمل مصدق التميمي ,ويضيف التميمي ” ان اهم الجوانب التي اراعيها في اختيار العاملين في المعمل هو الجانب الانساني و ان يكون المتقدم للعمل بحاجة ماسة اليه بالاضافة الى المواصفات الاخرى المتعلقة بالاخلاص والنزاهة والامانة” ويلاحظ ان اغلب العاملين في المعمل هم من النساء وتوجد بيهن اثنين ضريرات وان الغالبية منهن ارامل ومطلقات ومهجورات ,وقد قسم مكان العمل الى قسمين احدهما خاص بالرجال والاخر من نصيب النساء ويعمل مدير المعمل على توفير الحماية الكافية للعاملات معه “وضعت كاميرات مراقبة في كل زوايا المعمل لحماية العاملات من الاصابات او اي امور اخرى قد يتعرضن لها وهو عامل مطمئن للجميع ” ويشيد مدير المعمل بالهمة العالية للنساء والمستوى العالي من الكفاءة والتعاون الجميل بينهن .
اما تلك النساء العاملات فقد وجهن رسالة الى جميع النساء في العراق القادرات على العمل واللواتي بحاجة للعمل والمال ان يؤخذن دورهن في الحياة وان يعملن في مكان نزيه دون استعلاء او تكبر لان العمل جهاد وان اختيار العمل المناسب هو طريق الرزق الحلال ,وان كل امراة عاملة عليها ان ترفع راسها بشموخ لانها لم تنزع كرامتها بل حافظت عليها لتكون وسام شرف يحمله الابناء والاحفاد .

زر الذهاب إلى الأعلى